ارحموا من يعيش منها قبل أن تحسموا أمر البسطات
أسامينا
نعمان أصلان
على ما يبدو فإن السعي إلى تحقيق الموارد المالية الجديدة قد غلب على دوافع تعامل محافظة دمشق مع موضوع البسطات
صحيح أن الإنتشار العشوائي لتلك البسطات قد أساء إلى المنظر الجمالي لعاصمتنا وإعاق حركة المرور في شوارعها وأسواقها لكن هذه البسطات تشكل مصدر رزق أساسي لعشرات الآلاف من الأسر السورية التي دفع غياب مصدر الرزق الآخر باربابه أو بافرادها لاختيار هذه الوسيلة لكسب مورد الرزق الذي تعتاش منه
في اتصال مع الحدث الاقتصادي السوري أكد الشاب /مجد ..ص/ هذه الحقيقة عندما قال:ابلغ من العمر ٢٨ عامأ وانا احمل شهادة جامعية في الاقتصاد وقد بحثت عن فرصة عمل طويلاً دون أن أفلح في ذلك و لجأت عندما انقطعت بي السبل إلى العمل على بسطة في شارع الثورة بدمشق اتي إليها يوميا من مدينة الزبداني للحصول على الرزق الذي اتمكن فيه جمع بعض المال الذي استطيع من خلاله التأسيس لحياتي وانا الذي لا زلت عازبأ ولا املك بيتأ ولا اثاثأ ولا لأي مقوم من مقومات الاستقرار التي يسعى إليها كل شاب
ويضيف الشاب مجد حالي مثل كل حالات الذين يعملون في هذا العمل المتعب الذي نعاني منه من حر الصيف وبرودة الشتاء والذي يضاف إليه مشاق الإقبال والادبار عندما تأتي وتذهب البلدية وهو الحال الذي تعايشنا معه تحت وطأة الحاجة للقمة العيش فكم اعمل أنا للتأسيس لحياتي فهناك أرباب الأسر الذين يعملون على البسطات لتأمين لقمة العيش لأسرهم أو لدفع أجارات بيوتهم أو لتعليم أولادهم أو لمداواة مرضاهم أو لسد هذه الحاجة أو تلك من حاجات الحياة في ظل هذه الظروف التي ضاقت فيها سبل العيش على الجميع
ويقول مجد صبرنا على هذا الحال حتى جاءت محافظة دمشق وقررت إزالة تلك البسطات من الشوارع وفرضت على التي ترخص منها مبالغأ تفوق قدرة اغلب أصحاب تلك البسطات كونها أضحت تفرض على المتر الواحد ما كانت تأخذه من البسطة كاملة في عام وهو الأمر الذي سيفوق قدرة الكثيرين من الناس وكل ذلك دون التفكير بأحوال هؤلاء ولا بأحوال من يعيلونهم ودون إيجاد حلول عملية تحقق ايرادأ معقولاً للمحافظة وتتناسب مع مقدرات الناس وايضأ مع احتياجاتهم
في النهاية فإن قصة مجد تلخص قصص الكثيرين من أمثالهم ليس في دمشق وحدها وانما في أغلب محافظتنا التي انتهجت نفس نهج العاصمة في إخراج البسطات والاكشاك لتعيدها برسوم عالية تفوق بكثير قدرة أصحاب تلك المنافذ التي طالما كانت مصدر رغيف الخبز لمئات الآلاف من الأسر السورية ناهيك عن كونها لسلع ارخص للمستهلكين مقارنة بالمحلات النظامية
باختصار المعيار الذي يجب أن يسود في التعامل مع البسطات هو انظر بعينيك وارحم بقلبك وقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق فهل تنظر جهاتنا الرسمية بهذا المنظار ام أنها ستمضي في خيارها دونما اعتبار لكل ما قدمناه وهو الأمر الذي لا تمنى حدوثه وخصوصاً في ظل الظروف الحالية الصعبة التي نمر فيها جميعاً