الحق المعنوي للملكية الفكرية في القانون السوري – أسامينا
هيبة الإبداع التي تُوشِحُ صاحبَها بكرامةٍ لا تُباع!
الحق المعنوي حارسٌ أمينٌ لشرف المبدع وروح إنتاجه،
يمنحه سلطةَ التشهير باسمه ومنع تشويه إبداعه إلى الأبد،
جسرٌ أخلاقي يربط بين العبقريّة والإنسانيّة، ويحمي إرثَ الحضارة من عبث المُتلاعبين.
أسامينا خاص
أ.المحامية بتول جبان
الحق المعنوي للمؤلف يتضمن حق المؤلف في نسبة مصنفه له وفي نشره وتعديله وسحبه والدفاع عنه أمام القضاء.
وهذا الحق لا يجوز التصرف فيه والحجز عليه كونه شبيه بالحقوق اللصيقة بالشخصية، وكذلك لا يسقط الحق المعنوي بالتقادم أو عدم الاستعمال، وبما أنه شبيه بالحقوق اللصيقة بالشخصية إلا أنه لا يمكن أن ينتقل بالوراثة حتى لو كان جزء قليل منه.
ومن خلال ما تقدم و بالمقارنة بين الحق المادي للملكية الفكرية والحق المعنوي للملكية الفكرية نجد أن:
الحق المادي للملكية الفكرية للمؤلف يمكن التنازل عنها جزئيا أو كليا للغير مقابل بدل مادي أو بدون بدل مادي، أما الحق المعنوي للملكية الفكرية للمؤلف لا يمكن التنازل عنها لأنها ملتصقة بشخصية المؤلف.
الحق المادي للملكية الفكرية للمؤلف يتقادم، أي أن له فترة حماية محددة قانونا. أما الحق المعنوي للملكية الفكرية للمؤلف لا يتقادم أي يدوم مدى وجود العمل.
الحق المادي يمكن الحجز عليه مقابل دين أو ضمان بينما الحق المعنوي لا يمكن الحجز عليه لارتباطه بشخص المؤلف.
وبالتالي نجد أن الحق المادي للملكية الفكرية يختلف اختلافاً جوهرياً عن الحق المعنوي للملكية الفكرية وذلك لأن الحق المادي يمكن التنازل عنه جزئياً أو كلياً، ومع ذلك فإن اختيار الكاتب التنازل عن حقه المادي كليا او جزئيا لا يؤثر على حقه المعنوي الذي يتميز بارتباطه بشخصية الانسان وهو حق لا يتقادم ولا يمكن التنازل عنه كالحق المادي، وبذلك فإن تنازل الكاتب عن حقه المادي يبقى حقه المعنوي مرتبط بالعمل ملازم له.
التصرفات القانونية التي يمكن أن يقوم بها صاحب الحق الفكري لنقل فكره للغير أو تمكين الغير من استثماره وفق نصوص القانون السوري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة:
إن قانون حقوق المؤلف السوري رقم 12 الصادر في عام 2001 شأنه شأن معظم القوانين العربية والأجنبية المتشابهة، حيث ينص على حقوق المؤلف والتصرفات القانونية التي يمكنه أن يقوم بها لنقل حقه الفكري للغير ولتمكين الغير من استثماره.. وبالتالي فإن تصرفات المؤلف القانونية هي:
1-يحق للمؤلف تقرير نشر مصنفه: فهذا الحق يمنح المؤلف سلطة التصرف في اختيار طريقة هذا النشر واختيار مكان نشر مصنفه وزمانه، وكذلك سلطة عدم النشر. كما لا يجوز لأي أحد غير المؤلف أن يباشر هذا الحق دون إذن كتابي منه أو ممن يخلفه.. وهذا ما أكدته المادة(5) من قانون حقوق المؤلف السوري ” لمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر مصنفه وفي اختيار طريقة هذا النشر وله وحده ولمن يأذن له خطيا حق استثمار مصنفه ماليا بأي وسيلة أو شكل كان ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي منه أو ممن يخلفه”.
2-يحق للمؤلف تعديل المصنف أو تحويره: بهذا الحق يمكن للمؤلف إدخال ما يراه من تعديل أو تحوير على مصنفه من أجل تحسينه وجعله مسايراً لما قد يطرأ من تطور وتقدم بشأن مضمون المصنف، كما له الحق في الاعتراض على أي تعديل أو تغيير يقع على مصنفه عند نشره أو عرضه من دون موافقة مسبقة منه، ويمكن له أن يقرر ترجمته إلى لغة أخرى وهذا ما أكدته المادة(6) من قانون حقوق المؤلف السوري” للمؤلف إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه وله الحق في ترجمته الى لغة أخرى ولا يجوز لغيره أن يمارس ذلك إلا بإذن كتابي منه أو ممن يخلفه”.
3-يحق للمؤلف نسبة مصنفه إليه: وذلك عند تقرير نشر مصنفه أو تعديله، ويستثنى من ذلك الحالات التي يرد فيها المصنف عرضا في ثنايا بث إذاعي أو تلفزيوني لأحداث جارية، وهذا ما جاء في المادة (7) من قانون حقوق المؤلف السوري ” ينسب المصنف الى مؤلفه بذكر اسمه عند تنفيذ أي من الأعمال الوارد ذكرها في المادتين /5/ و /6/ من هذا القانون ويستثنى من ذلك الحالات التي يرد فيها المصنف عرضا في ثنايا بث إذاعي أو تلفزيوني لأحداث جارية”.
4-يحق للمؤلف احترام سلامة وحماية مصنفه عن التعديل والتحوير: فله وحده حق التعديل والتحوير في مصنفه، ولا يجوز للغير القيام بذلك من دون أذن كتابي من المؤلف أو ممن يخلفه. واذا حدث أي تعديل أو تحوير من دون أذن كتابي مسبق من المؤلف أو ممن يخلفه وسواء أدى ذلك إلى التشويه أو التحريف أم لم يؤدي يستطيع المؤلف أن يطالب بالتعويض عن ذلك كما ويستطيع ورثته المطالبة بالتعويض بعد وفاته.. وهذا ما أكدته المادة (8) من قانون حقوق المؤلف السوري ” للمؤلف أو لمن ينوب عنه قانونا الحق في دفع أي اعتداء على مصنفه وفي منع أي تشويه أو تحريف أو تعديل أو أي مس به من شأنه الإساءة الى المؤلف ماديا أو معنويا وله أن يطالب بتعويض عن ذلك وينتقل هذا الحق الى ورثته بعد وفاته”.
5-لا يمس بحق المؤلف عند نشره المصنف أي من التحليلات والاقتباسات القصيرة التي تشير إلى المصنف ذاته واسم المؤلف مادام قصد بها النقد أو المناقشة أو التثقيف أو الأخبار، وهذا ما نصت عليه المادة (9) من قانون حقوق المؤلف السوري “ان التحليلات والاقتباسات القصيرة من المصنف بعد نشره لا تعتبر مسا بحقوق المؤلف إذا قصد بها النقد أو المناقشة أو التثقيف أو الاخبار مادامت تشير الى المصنف واسم المؤلف اذا كان معروفا”.

6-تمنع المادة (10) من القانون السوري لعام 2001 الحجز على حق المؤلف في نشر مصنفه أو نسبته إليه أو حقه في دفع أي اعتداء يقع على مصنفه أو سحبه من التداول. “يحق للدائن الذي بيده سند مكتوب على المؤلف كالاتفاق أو العقد أو سند الدين ان يلقي الحجز الاحتياطي على نسخ المصنف الذي تم نشره من قبل مؤلفه وعلى نفقته الخاصة ولا يجوز الحجز على حق المؤلف في نشر مصنفه أو نسبته الى مؤلفه أو بدفع أي اعتداء يقع على مصنفه أو بسحبه من التداول”.
7-يحق للمؤلف سحب المصنف من التداول: يملك مؤلف المصنف العلمي أو الأدبي أو الفني الحق في سحب مصنفه من التداول إذا كان قد وضعه في التداول، أو كان من تنازل له عن حق استثماره قد وضعه في التداول، ويشترط في مثل هذه الحال أن يعوض المؤلف المتنازل له عن الأضرار التي لحقت به نتيجة سحب المصنف من التداول وهذا ما أكدته المادة(12) “لمؤلف المصنف العلمي او الادبي الحق في سحب مصنفه من التداول او حظر طرحه في التداول بشرط ان يعوض من اضير من جراء قراره بالسحب تعويضا مناسبا”. ويترتب على سحب المصنف من التداول وقف نشره أو عرضه أو إذاعته على الجمهور. وسحب المصنف من التداول يكون بمنزلة حكم بإعدامه ولا يلجأ المؤلف إلى ذلك إلا إذا كان عرض المصنف أو نشره أو إذاعته ضاراً بسمعته الأدبية أو الفنية أو العلمية، وفي الكثير من الأحيان يتوقف سحب المصنف من التداول على قرار من المحكمة المختصة.
8-يحق للمؤلف نقل الحق في مباشرة حقوق الاستثمار إلى الغير: وهذا الحق مشروط بأن يكون بصورة كتابية وبتحديد واضح لكل حق في التصرف على حدة وهذا ما جاء في المادة ( 14 ) من قانون حقوق المؤلف السوري “للمؤلف ان ينقل الى غيره الحق في مباشرة حقوق الاستثمار المنصوص عليها في المادتين/5/ و/6/ من هذا القانون ويكون ذلك بصورة كتابية وبتحديد واضح لكل حق في التصرف على حدة”.
وفي الختام نؤكد أنه لابد من فهم ماهية الملكية الفكرية التي تكمن أهميتها بتوافر حقيها المادي والمعنوي، وذلك لمعرفة كامل التصرفات القانونية الممنوحة للمؤلف عند نقل حقه الفكري للغير ومعرفة الحماية التي قدمها القانون السوري للمؤلف عند نقله ذلك الحق للغير من خلال القانون رقم 12 الصادر في عام 2001.

