القرض الحسن حل تمويلي لتلبية احتياجات القطاعات الإنتاجية
أسامينا
الوحدة – نعمان أصلان
تم في اجتماع الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي عُقد مؤخراً، وخصص لمناقشة سبل تأمين احتياجات الموسم الزراعي القادم طرح مقترح لتقديم قروض حسنة بدون فوائد للمزارعين، على أن تُعد وزارة الزراعة دراسة تفصيلية حول المستفيدين من هذا القرض وآليات توزيعه ليتم عرضها لاحقاً على الجهات المعنية.
وأبدى وزير المالية، محمد يسر برنية خلال الاجتماع، استعداد وزارته لتخصيص التمويل اللازم لهذه القروض فور استلام الدراسة الخاصة بها.
ولمعرفة بعض التفاصيل عن هذا النوع من القروض وشروط منحها وأهميتها الاستراتيجية ومتطلبات نجاحها، تحدث للوحدة الخبير الاقتصادي فادي ديب.
حل تمويلي مبتكر
قال ديب: “في خضم الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعاني منها الاقتصاد السوري، تبرز الحاجة الملحة إلى حلول تمويلية مبتكرة تلبي احتياجات المواطنين والقطاعات الإنتاجية دون أن تشكل عبئاً إضافياً عليهم، وفي هذا الإطار يطفو على السطح مفهوم القرض الحسن كأحد أدوات التمويل الإسلامي التي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إنعاش الاقتصاد، وخصوصاً القطاع الزراعي، الذي يعد عصب الاقتصاد السوري وضمانة للأمن الغذائي.”
وأوضح ديب بأن القرض الحسن هو ذلك القرض المالي الذي تقدمه الجهة المقرضة، سواء أكانت مصرفاً أم دولة أم أفراداً إلى المقترض دون اشتراط أي فائدة أو زيادة على أصل المبلغ، كونه يقوم على فلسفة التكافل الاجتماعي والتعاون، حيث يكون الهدف الأساسي منه مساعدة المقترض على تلبية احتياجاته التنموية أو تطوير مشروعه الإنتاجي، وليس تحقيق الربح المالي. وسُمي “حسناً” لحسن نية المُقرض من ناحية، ولحسن عائدته الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع من ناحية أخرى.
الشروط الأساسية للقرض
أما عن الشروط الواجب توافرها في القرض الحسن، فبين الخبير ديب بأنها تشمل انعدام الفائدة بشكل مطلق، وهو الشرط الأساسي والأهم، كما يجب أن تكون النية حسنة والهدف مشروعاً، كتمويل زراعة الأرض أو شراء البذور أو تطوير المشاريع المنتجة، كما يشترط أيضاً الوضوح التام في اتفاقية القرض الحسن من حيث المبلغ وموعد السداد، فضلاً عن قدرة المقترض الجادة على الوفاء بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها.
الأهمية الاستراتيجية للقرض
وفي إجابته عن الأهمية الاستراتيجية للقرض، قال ديب بأنها تتجلى في ظل الظروف الراهنة من خلال عدة جوانب: أولها إنعاش القطاع الزراعي الذي يعاني من نقص حاد في رأس المال العامل لشراء المستلزمات الزراعية الأساسية من بذور وأسمدة ووقود. فالقرض الحسن يمكن المزارع السوري من تجاوز هذه العقبة، مما يزيد الإنتاجية ويحقق الأمن الغذائي.
كما يساهم القرض الحسن في تحفيز عجلة الإنتاج بشكل عام، حيث يشجع الأفراد والشركات على بدء مشاريع جديدة أو تطوير القائمة منها، وذلك من خلال توفير التمويل بدون كلفة إضافية، وهو أيضاً أداة فاعلة في مكافحة الفقر والبطالة، حيث إن المشاريع الصغيرة والمتوسطة المدعومة بالقروض الحسنة تولد فرص عمل وتساهم في تحسين الدخل الفردي.
كما يمثل بديلاً شرعياً عن القروض الربوية، حيث يقدم حلاً تمويلياً يتوافق مع الشريعة الإسلامية لشريحة كبيرة من المجتمع ترفض التعامل بالفوائد.
متطلبات النجاح ودور الأطراف المعنية
ولضمان نجاح تطبيق فكرة القرض الحسن في سورية أشار ديب إلى ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف المعنية: الدولة ومصرف سورية المركزي ووزارة المالية لإنجاح هذا القرض، فوزارة المالية مدعوة لتأسيس صندوق سيادي للقرض الحسن، مع توفير البيئة التشريعية اللازمة له عبر إصدار قوانين وتشريعات تنظم عملية منح القروض الحسنة، كما أن المشاركة في المخاطر عبر إنشاء صندوق ضمان للمخاطر يعد عاملاً محفزاً للمصارف، إلى جانب منح حوافز ضريبية للمصارف التي تخصص نسبة عالية من محفظتها التمويلية للقروض الحسنة.
أما المصارف والمؤسسات المالية فمطالبة بتبسيط الإجراءات وجعل عملية التقديم للقرض بسيطة وسريعة، مع التركيز على دراسة الجدوى الاجتماعية بدلاً من المالية البحتة، كما أن المتابعة والإرشاد للمقترضين يعدان عاملاً أساسياً لضمان الاستخدام الأمثل للأموال ونجاح المشروع، مع الالتزام بالشفافية والنزاهة في معايير منح القروض.
وفي الطرف الآخر، يقع على عاتق المزارعين والمقترضين مسؤولية الجدية والالتزام من خلال تقديم خطة عمل واضحة تبين كيفية استخدام القرض، والشفافية والأمانة في الإفصاح عن الوضع المالي الحقيقي، والاستخدام الأمثل للقرض في الغرض المخصص له، واتباع إرشادات المصرف والفنيين الزراعيين لتحقيق أفضل النتائج من المشروع.