بسبب ارتفاع الدولار ودرجات الحرارة.. موجة غلاء جديدة تغزو الأسواق السورية
أسامينا
بارعة جمعة
تشهد الأسواق المحلية ارتفاعاً ملحوظاً بأسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، حيث ارتفع ليتر زيت عباد الشمس من 16 ألفاً إلى نحو 19–20 ألف ليرة (أي ما يعادل 2 دولار أميركي)، وكيلو الرز المصري من 8 آلاف إلى 11–12 ألفاً، في حين تراوحت أسعار السمون بين 15 و20 في المئة حسب كل بائع، وسجلت أسعار البن والسكر والمنظفات زيادات متفاوتة.
تؤكد مصادر محلية لموقع “تلفزيون سوريا” وفرة المعروض في الأسواق، وتنفي شائعات نقص السلع، مع الإشارة إلى أن بعض الباعة يحاولون استغلال الخوف من ارتفاعات مستقبلية، لتصريف بضائعهم بأسعار أعلى.
يعرب عدد من المستهلكين، ممن التقاهم الموقع، عن مخاوفهم من استمرار ارتفاع الأسعار، خاصة إذا استمر الدولار بالارتفاع مقابل الليرة (بعد تخطيه حاجز ال 11 ألف ليرة سورية)، مطالبين الجهات المعنية بوضع ضوابط صارمة لضبط الأسواق وحماية المواطنين.
يُرجع بعضهم هذه الارتفاعات إلى سلسلة القرارات الأخيرة لوزارة الاقتصاد الصناعة السورية، بوقف استيراد الفروج المجمد اعتبارا من 15 آب/أغسطس الجاري، ومنع استيراد 20 مادة غذائية وزراعية خلال شهر آب/أغسطس الجاري، بالإضافة لوقف استيراد 15 صنفا من الخضار والفواكه الأساسية اعتباراً من بداية شهر أيلول/سبتمبر القادم.
أحد المحال لبيع المواد الغذائية في “سوق الجمعة” الشعبي بحي الشيخ محي الدين بدمشق، 17 آب/أغسطس 2025 (تلفزيون سوريا)
أحد المحال لبيع المواد الغذائية في “سوق الجمعة” الشعبي بحي الشيخ محي الدين بدمشق، 17 آب/أغسطس 2025 (تلفزيون سوريا)
الأسعار تلتهم زيادة الرواتب
اعتاد المواطن السوري الوقوف أمام سيناريوهات الارتفاع المترافقة مع أي زيادة في الرواتب، وأعرب العديد من السوريين عن استيائهم من الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية، التي تجاوزت قدرتهم الشرائية بشكل كبير.
تصف ربة المنزل سعاد الدالاتي (55 عاماً) من دمشق حال الأسواق بغير المستقرة، بالرغم من توفر المواد بوتيرة مستمرة.
وتقول سعاد، في حديثها لموقع “تلفزيون سوريا”: بعد ثبات نسبي للأسعار خلال الفترة الماضية وتعرض البلاد لموجة الحر الأخيرة، التهبت الأسواق بشكل مفاجئ، ما يجعل المواطن عاجزا عن استيعاب ما يحصل.

ويشاطر محمود النابلسي (45 عاماً) أحد الباعة المفرق بسوق الشيخ محي الدين الدمشقي سعاد الرأي، واصفا حال التجار بغير السار لما يحمله سعر الصرف من مفاجآت يومية وارتفاعات لم تكن بالحسبان.
بالمقابل، يشكو الموظف معين العبد الله وهو مدرس في قطاع التربية من عدم الجدوى التي ترافق كل زيادة بالراتب، لما يلحقها من ارتفاعات غير مبررة.
ويضيف العبد الله، عادت المخاوف القديمة من احتكار السلع والمواد الأساسية، خاصة بعد قرارات وزارة الاقتصاد والصناعة الاخيرة، التي تعطي الحجج للتاجر لرفع أسعار من دون خوف أو رادع.
حرارة الدولار أشد من الطقس
ارتفعت الأسعار بوتيرة سريعة بفعل عاملين متزامنين هما: موجة الحر وصعود الدولار، وفق تحليل الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ريا، من جامعة طرطوس، مشيراً إلى أن “ارتفاع الدولار رفع كلفة الاستيراد والمواد الأولية والطاقة، بينما أدت موجة الحر إلى تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليف النقل والتخزين”.
ويتساءل ريا، في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، عن سبب الارتفاع هل هو تضخم أم فقدان قيمة العملة؟ شارحا مفهوم التضخم بانه ليس مجرد ارتفاع الأسعار، بل هو فقدان الليرة لوظيفتها كمخزن للقيمة ووسيط للتبادل، ومع تراجع الثقة بها، يلجأ التجار والمستهلكون إلى التسعير بالدولار، ما يولد حلقة تضخمية يصعب كسرها بالتدخل الإداري فقط.

مقارنة إقليمية
يُشير الخبير الاقتصادي إلى أن سوريا تقع بين نموذجين إقليميين: في مصر ساعد التحرير التدريجي للجنيه والسياسات المشروطة من صندوق النقد على ضبط سعر الصرف، في حين لبنان غابت فيه المعالجات الجدية، ما أدى لانهيار الليرة وتضخم مفرط. وسوريا اليوم بينهما، مع إدارة نقدية عاجزة عن الإصلاح الجوهري، لكنها غير قادرة على كبح الانهيار بالوسائل الإدارية وحدها.
سيناريوهات الدولار أمام الليرة السورية
يعزو الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي من دمشق ارتفاع سعر صرف الدولار من 10,000 إلى 10,900 ليرة سورية (أو أي تغيير في السوق السوداء) إلى مجموعة عوامل مترابطة، أبرزها:
الركود الاقتصادي.
العجز في الموازنة العامة.
شحّ الاحتياطي الأجنبي.
غياب أثر الاستثمارات الخارجية.
استمرار العقوبات الغربية.
هيمنة السوق السوداء.
زيادة الطلب على الدولار: من قبل التجار والمواطنين كملاذ آمن، نتيجة لفقدان الثقة بالليرة.
توقعات سعر صرف الليرة
عن نطاق التوقعات بين عامي 2025 – 2026، يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي: هناك سيناريو متشائم، قد يصل السعر إلى 15,000–20,000 ليرة للدولار، في حال استمرت العقوبات أو تراجعت التحويلات، والثاني: سيناريو مستقر نسبيا شرط تحسن التحويلات أو ظهور مساعدات، وهنا قد يتراوح السعر بين 12,000–14,000 ليرة، لكنه استقرار هش.
المصدر تلفزيون سوريا