Home / أخبار سوريا / تحليل أولي لحريق قسطل معاف في ريف اللاذقية الشمالي

تحليل أولي لحريق قسطل معاف في ريف اللاذقية الشمالي

تشير البيانات الأولية المتعلقة بالحريق الذي اندلع مؤخراً في منطقة قسطل معاف الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي إلى وجود دلائل قوية تُضعف فرضية أن الحريق ناجم عن أسباب طبيعية بحتة، وتدفع باتجاه احتمال تورط عوامل بشرية، خصوصاً في مرحلة الاشتعال الأولى.

يستند هذا التقييم إلى دراسة علمية ميدانية قمتُ بإجرائها قبل أكثر من اثنين وعشرين عاماً، كجزء من مشروعي للتخرج من قسم هندسة الغابات والبيئة، وقد تم اختيار منطقة قسطل معاف تحديداً كنموذج تطبيقي لتحليل سلوك حرائق الغابات المتوسطية المختلطة. وقد خلصت الدراسة حينها إلى أن اندلاع الحرائق في هذا النوع من النُظم البيئية يتطلب توافر مجموعة من الشروط المناخية والبيئية، في مقدمتها مرور فترة لا تقل عن أربعة أشهر متواصلة من الجفاف والانحباس الحراري، حتى تصل المنطقة إلى ما يُعرف علمياً بـ”مؤشر الخطورة الحرج” (Critical Fire Danger Index) الذي يُمكّن الحرائق من الانتشار الذاتي والواسع النطاق.

وفي ضوء المعطيات المناخية الراهنة، لا يمكن تصنيف الظروف الحالية ضمن فئة الخطر الحرج، سواء من حيث درجة الحرارة أو الرطوبة النسبية أو مدة الجفاف. ولذلك، فإن اشتعال الحريق بهذه الشدة وفي هذا التوقيت، بعيداً عن الذروة الحرارية المعتادة، لا يمكن تفسيره إلا بوجود تدخل بشري مباشر أو غير مباشر.

كما أن تفاقم الأزمة ارتبط بشكل واضح بضعف منظومة التدخل والاستجابة السريعة، حيث لوحظ غياب شبه تام للمروحيات المخصصة للإطفاء الجوي، إلى جانب النقص الكبير في التجهيزات الفنية المتخصصة، وغياب التنسيق التشغيلي السريع. ويُعزى جزء من هذا القصور إلى استبعاد عدد كبير من الكوادر ذات الكفاءة والخبرة العلمية المتخصصة في مكافحة حرائق الغابات خلال الأشهر الماضيه ، لأسباب لا تتعلق بالكفاءة المهنية، مما أدى إلى فراغ مؤسسي في إدارة هذا النوع من الكوارث.

استناداً إلى ما سبق، تبرز الحاجة الملحة إلى فتح تحقيقات علمية وتقنية مستقلة للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذا الحريق، مع إعادة تقييم شاملة لخطط الوقاية من حرائق الغابات في المنطقة، ووضع إطار عملي لتأهيل وتفعيل فرق استجابة تعتمد على المعرفة البيئية المحلية والخبرة العلمية المتخصصة.

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *