Home / اقتصاد / تحويشة العمر أمام اختبار حاسم في 8 ديسمبر 2025

تحويشة العمر أمام اختبار حاسم في 8 ديسمبر 2025

أسامينا

في خطوة قد تعيد تشكيل مستقبل الليرة السورية، تستعد الحكومة لحذف صفرين من العملة، وسط تساؤلات عن الأثر الحقيقي لهذا القرار. هل هو إصلاح اقتصادي أم محاولة لتجميل الواقع؟

الدكتور إيهاب أبو الشامات يسلط الضوء على التداعيات المحتملة، ويقدم نصائح عملية لحماية المدخرات والتعامل مع تقلبات السوق.

كيف تستعد؟ كيف تحمي أموالك؟ وهل يحمل هذا التاريخ فرصة أم مخاطرة؟

اقرأ التحليل الكامل الآن لتتخذ القرار الصائب قبل اليوم المصيري

الليرة السورية على مفترق طرق.. حذف الأصفار: إنقاذ وشيك أم خدعة جديدة؟

بقلم: د. إيهاب أبو الشامات لموقع الاقتصاد اليوم

الليرة السورية اليوم تواجه لحظة فارقة فبحلول ديسمبر 2025، من المتوقع أن يبدأ مصرف سورية المركزي في طرح أوراق نقدية جديدة بعد حذف صفرين من العملة. خطوة طال انتظارها، لكنها تحمل تساؤلاً حيوياً:

هل نحن أمام إنقاذ حقيقي للاقتصاد، أم مجرد خدعة رقمية لتجميل الأرقام دون علاج جذري للأزمة؟

الأصفار ليست مجرد أرقام :

الملايين التي تراها على الفواتير اليومية لم تعد تعكس قيمة حقيقية، بل مجرد انعكاس لتدهور القوة الشرائية.
حذف الأصفار يبدو وكأنه عملية جراحية تجميلية للأرقام؛ يريح العين ويخفف الحمل النفسي، لكنه لا يعالج جذور الأزمة الاقتصادية.

دروس من التجارب الدولية:

تركيا 2005: حذفت ستة أصفار، لكن النجاح لم يأتِ بالصدفة. القرار جاء ضمن إصلاحات اقتصادية شاملة ودعم خارجي، فاستعادت الليرة ثقة المواطنين بسرعة.

الأرجنتين: كررت تجربة حذف الأصفار ثلاث مرات، لكن التضخم استمر، لأن السياسات الاقتصادية بقيت دون تغيير.

زيمبابوي: حذفت الأصفار مرات عدة حتى أصدرت ورقة قيمتها 100 تريليون دولار، ثم انهارت العملة بالكامل واضطر المواطنون للاعتماد على الدولار الأميركي. الدرس الواضح: حذف الأصفار وحده لا يكفي؛ يجب أن يكون مصحوباً إصلاحات اقتصادية حقيقية

ماذا يعني ذلك لسوريا؟

قد يشعر المواطن السوري ببعض الراحة الشكلية عند تبسيط الحسابات بعد حذف صفرين من العملة، لكن هذه الراحة لن تتحول إلى تحسن حقيقي في القدرة الشرائية إذا بقيت الأسعار مرتفعة، والاقتصاد يراوح مكانه والواقع الاقتصادي يشير إلى أن التحديات ما تزال كبيرة:

حيث سجل معدل التضخم السنوي خلال الفترة من مارس 2024 إلى فبراير 2025 نحو 36.8%، رغم انخفاضه عن 120.6% في العام السابق، مما يوضح أن التضخم ما يزال يمثل ضغطاً يومياً على حياة المواطنين.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد حوالي 663 دولاراً أمريكياً في 2022، بانخفاض يزيد عن 21% مقارنة بالعام السابق، مما يعكس تدهور القدرة الشرائية ومستوى المعيشة.

وهناك تراجع مستمر في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ما يجعل من الصعب على الأسر السورية تلبية احتياجاتها اليومية.

باختصار القيمة الحقيقية للعملة لا تُقاس بعدد الأصفار على الورقة النقدية، بل بقدرة الاقتصاد على إنتاج السلع والخدمات وتوفير فرص عمل حقيقية. إذا لم ترافق خطوة حذف الأصفار إصلاحات اقتصادية شاملة، دعم للإنتاج المحلي، وضبط للتضخم، فسيظل المواطن السوري محاصراً بين أرقام ضخمة على الورق وأزمة معيشية حقيقية.

ونؤكد بأن حذف الأصفار سيكون خطوة رمزية قد تسهل الحسابات، لكنها لن تحقق أي تحسن ملموس في حياة المواطن ما لم تُنفذ معها سياسات اقتصادية قوية ومستدامة.

توصياتي للحكومة السورية:

لطالما كانت الحكومة السورية في العقود الماضية مقيدة بقيود النظام السابق، ولم تتمتع بالقدرة على اتخاذ أي إجراء حقيقي في مجال السياسات النقدية أو المالية. معظم القرارات كانت تُفرض من أعلى، مما حدّ من قدرتها على حماية القوة الشرائية للمواطن أو ضبط التضخم. اليوم، ومع توفر مساحة أكبر من الصلاحيات، أمام الحكومة فرصة فريدة لتطبيق سياسات نقدية واقتصادية رشيدة تعيد الثقة بالليرة وتحسن حياة المواطنين.

نصائح استراتيجية للحكومة السورية:

  1. تبني مسار مزدوج للإصلاح:
    . إصلاح نقدي يواكب تحديث العملة والبنية المالية.
    . إصلاح اقتصادي يعزز الإنتاج المحلي والاستثمارات ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
  2. ضبط التضخم بشكل فعال ومستدام:
    . سياسات مالية واضحة لضمان أسعار عادلة للسلع الأساسية.
    . تعزيز الرقابة على الأسواق ومكافحة الاحتكار لضمان استقرار الأسعار.
  3. تحديث القطاع المصرفي والبنية التحتية المالية:
    .تجهيز البنوك وأنظمة الدفع الإلكتروني للتعامل مع العملة الجديدة بسلاسة.
    .ضمان الشفافية وسهولة التحويلات والمعاملات اليومية.
  4. حملة توعية شاملة وشفافة:
    .توضيح آلية حذف الأصفار وتأثيرها على الحياة اليومية للمواطنين.
    .مواجهة الشائعات والمعلومات المغلوطة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
  5. تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على المستوردات:
    .دعم الصناعات الوطنية والزراعة المحلية.
    .التركيز على تعزيز الصادرات وتنمية الاقتصاد الداخلي، لأن قوة العملة الحقيقية تأتي من قوة الاقتصاد لا من شكل الأوراق النقدية.
  6. إصلاح الإدارة المالية العامة:
    . ضبط الموازنة العامة والحد من العجز المالي.
    . تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة.
  7. المتابعة والتقييم الدوري:
    . وضع مؤشرات أداء اقتصادية واضحة لقياس أثر السياسات.
    . تعديل الإجراءات والسياسات بناءً على نتائج ملموسة لضمان استدامة الإصلاحات.

وأخيرا حذف الأصفار خطوة ضرورية لكنها ليست كافية.
التجارب العالمية أثبتت أن العملة الجديدة تعيش فقط إذا ولدت معها إصلاحات اقتصادية شاملة.

أما إذا اكتفت الحكومة بالتغيير الشكلي، فسنجد أنفسنا بعد سنوات أمام نفس المشهد: أصفار تعود، وأسواق تعاني، ومواطن يئن تحت وطأة الأرقام.

سوريا syria

بساط أحمدي

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *