خُذُوا الحِكمَةَ مِن أفواهِ …. المَجانين
أسامينا
بقلم الإعلامي : عمار عوض .
وَلَجَ القاعة كَديكٍ أو طاووسِ مَزهُوٍ بنفسه وَ قَد لاقَ بِهِ ذلك ….
كيف لا و حَسبُهُ من سَبَقَهُ ذاتَ يومٍ قائِلاً لِغَيمَةٍ ” إذهَبي أَنَّى شِئتِ فَخِراجُكِ عائِدٌ إلَي ” .
أيُ جَمعيةٍ عَامَةٍ و أُمَمٍ مُتحِدَة هذه التي سَترتَعِدُ لها أوصالهُ و هو الذي خاطبها بأنها أفشل من الفشل بحد ذاته . سواءً بإتخاذ القرارات أو في آلية تنفيذها .
إفتتح كلمته بتوجيه غمزة و تحية و ربما قُبلَةٍ في الخَفاءِ لزوجته ميلينا ترامب المتواجدة في نفس القاعة ( و هو ما أثار إعجابي صراحة لأنني من أنصار المرأة و الحُب العميق و مبدأ كل عظيم ورائه إمرأة تُعَلي من شأنِهِ أو تُرديه في أسفل السافلين ….أي نعم ) ، ثم أثنى بالترحيب على باقي
الحضور .
إبتدأ بنقد وضعف آلية التنظيم و سوء تقنيات التكنولوجيا و وسائل التواصل داخل القاعة إبتداءً من المصعد الذي تعطل به مدة دقيقة إستغلها بعناق الرئيس البرازيلي و الاتفاق على موعد لقاء قادم بينهما و إنتهاءً بتعطل جهاز الأوتو كيو الذي بسببه أُجبِرَ ترامب على الإرتجال في قراءة كلمته ، ثم قَصَفَ بِنَعتِهِ كل من أشرف على تجديد و تحديث مبنى الأمم المتحدة و أتهمهم بالفساد لأنهم رفضوا عرضاً سابِقَاً قدمته شركة ترامب للمقاولات بقيمة خمسمئة مليون دولار و بمواصفات عالية و وافقوا على عَقدٍ من جهة أخرى بقيمة ملياري دولار و مواصفات سيئة كانت نتيجته اللحظة الحالية التي وصفها مسيو ترامب بالسيئة .
إنتقل للملفات السياسية و سخر من الهند و الصين اللتان تشتريان النفط من روسيا و تدعمانها بذلك في حربها على أوكرانيا . و هدد بفرض رسوم جمركية على كل من يخالف سياسته كفيلة بكسر الظهر لأي قوة في العالم .
طالب أوروبا بطرد و إعادة المهاجرين لديها إلى أوطانهم و لو بالقوة بحجة أن هؤلاء المهاجرين كالطفيليات يدمرون البلدان التي يستقرون بها مستشهداً بسياسة طرد المهاجرين التي تقوم بها إدارته .
ثم عَطَفَ بِبَوحِهِ على موضوع الأديان و طالب بالدفاع عن الدين المسيحي الذي يتعرض للتهديد .
إنتقل إلى ملف المناخ و شَجَبَ فكرة البصمة الكربونية و الطاقة الخضراء معتبراً أنهما كذبة و خدعة كبرى و أن الصين و من يحذو حذوها في الإعتماد على إستخراج الطاقة من القوة الريحية يقومون بتدمير المناخ دون أن يشعروا و طالبهم بالإعتماد على الفحم النقي المتواجد بكثافة في الولايات المتحدة الأمريكية و كذلك أعلن عن إستعداد بلاده لمد يد العون لأي دولة في العالم تريد الحصول على الطاقة بالطرق السلمية و النظيفة .
حتى الذكاء الصناعي لم يسلم من نقد ترامب ، فقد أثنى عليه و شجع على تطويره لكنه أردف بالقول أن هذا الذكاء خطير بالرغم من فائدته .
أما بالنسبة لجائزة نوبل للسلام فلم يكن ينقص هذا المجنون إلا أن يعلن حرباً للحصول عليها …
الرجل جاهَرَ من باب أحقيته بهذه الجائزة بأنه و خلال ثمانية أشهر فقط من حكمه إستطاع إنهاء سبعة حروب كتلك التي كادت أن تتطور لحرب نووية بين الهند و باكستان .
و بالنسبة للملف النووي الإيراني فقد تم القضاء عليه بجهود أمريكية و تم وقف الحرب بين طهران و تل أبيب و اتفق الطرفان بعدم إشعالها مرة أخرى
( ملاحظة……. من باب أن عند جهينة الخبر اليقين …..إذا كان الطرفان قد إتفقا على عدم إفتعال حرب بينهما مرةً أخرى مثلما صرح ترامب ، فَعَلامَ هذه التهديدات و العنتريات بين الجانبين الإسرائيلي و الإيراني التي تزخم بها الفضائيات و تتشنج بها الساحات ؟؟؟؟؟؟؟ سؤال منطقي أليس كذلك …..؟ ) .
من بين كل ملفات المنطقة العربية لم يشغل بال السيد أبو إيفانكا سوى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس حيث طالب بالإفراج عنهم و عن جثث من قتل منهم و إعادتهم لذويهم حتى ترتاح نفوسهم . أما إعلان بعض الدول الأوروبية عن إعترافها بدولة فلسطين فهذا أمر ليس حكيماً و غير موفق برأيي ترامب .
تحدث برؤوس أقلام عن الإتفاق الإبراهيمي و لم يأتي على ذكر المجازر الإسرائيلية في غزة و لبنان و سوريا واليمن …….( ملاحظة …..عدم تطرق ترامب لملف سورية في هذه اللحظة المفصلية من تاريخها لم أستسغهُ على المستوى الشخصي و هو ما يجعلني متوجساً لقادمات الأيام مع العلم أن هذا التجاهل لهذا الملف مقصود و مدروس و له تبعات و يدفعني لعدم رفع سقف التوقعات ) .
الظاهر أن رئيس أقوى دولة في العام قد أطلق رصاصة الرحمة ليس على عدل و موثوقية الجمعية العامة للأمم المتحدة بل حتى على الكلمات التي سيلقيها رؤساء و ملوك الدول المشاركة و التي يبدو أنها ستكون جوفاء و بلا أثر في هذا المنبر و لا تؤمن من خوف و لا تسمن من جوع ……ما دام هناك مجلس أمن يستطيع أن يجهض مقترحات الجمعية العامة و يتلاعب بها بفيتو واحد من فيتوهات الرؤوس الخمسة الحامية التي تتعاطى مع الجميع حسب مصالحها الشخصية أولاً و أخيراً غير آبهةٍ بما يترجم على أرض الواقع من زَهقٍ للأرواح و إحتلالاتٍ و نِزاعاتٍ و تَهديداتٍ للأمن و السلم الدوليين .
كنا نظن أن هناك بصيص أمل و لو كان ضعيفاً وراء التعبير عن القلق الذي أدمنه و أمتهنه كل الأمناء العامين للأمم المتحدة و على رأسهم الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيرش …..
لكن مرور السيد ترامب على هذا الاجتماع و عدم مبالاته أو بالأحرى كشفه لترهل آليات العمل و إتخاذ القرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة ناهيك عن المخرجات و قيمتها الضعيفة ، ذكرني بإجتماعات جامعة الدول العربية .
ذات يوم و قبل إنتهاء فعاليات إحدى القمم العربية في إحدى الدول الأعضاء و قبل صدور بيانها الختامي بثلاث ساعات ، خرج الرئيس الليبي معمر القذافي رحمه الله و تلى من ليبيا البيان الختامي لتلك القمة التي لم يحضرها قائلاً أن نسخة هذا البيان أتته من إسرائيل . و على إثر ذلك طار أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى إلى طرابلس و قال للفاتح القذافي …….فضحتنا يا سيادة الرئيس .
طوبى لهذا العالم بمجنون إسمه دونالد ترامب و حسبنا أن نأخذ الحكمة من أفواه المجانين .