Home / فن / سحر الموسيقى وعالم ياني الساحر

سحر الموسيقى وعالم ياني الساحر

سحر الموسيقى وعالم ياني الساحر

ياني في كلمات :
الموسيقى.. ليست مجرد أصوات تتراقص في الهواء، بل هي لغة الكون الصامتة ونبض المشاعر الخفي، وجسرٌ يعبر فوق هوة الكلمات ليربط بين القلوب والأرواح. هي رحلة داخلية تُغذي الروح، ومرآة تعكس أعمق أعماق الإنسان، من فرحٍ يرقص على أنغامها إلى حزنٍ يذوب في لحنها، ومن شوقٍ يرفرف بأجنحة النوتات إلى سلامٍ يستقر في أحضان السكوت بينها.

وفي فضاء هذا السحر الكوني، يبرز ياني كنجمٍ ساطع، وكـ سفيرٍ للألحان لا يعرف حدودًا جغرافية ولا قيودًا لغوية. فنانٌ يونانيٌّ بجذوره، عالميٌّ بفنه، استطاع ببراعة فائقة أن ينسج من خيوط الموسيقى الكلاسيكية والجاز والإثنية والنيو إيج، عالمًا سمعيًا أخّاذًا. عالَمٌ تذوب فيه الحدود، ويتحول فيه البيانو والكمان وآلات النفخ والإيقاع إلى سفراء للجمال والعاطفة الصافية.

سحر معزوفات ياني، مثل “نوستالجيا” (Nostalgia) و”الطائر المغرد” (Nightingale) و”فيلتسا” (Felitsa) وغيرها من روائعه، يكمن في قدرتها الفذة على اللمس دون تماس. فهي تداعب أوتار الروح بخفة، تارةً ترفعك إلى عنانين الفرح بألحان متفائلة نابضة بالحياة، وتارةً أخرى تغمرك بتيار من التأمل العميق والسلام الداخلي بألحانها الهادئة العميقة. إنها موسيقى تخاطب الوجدان مباشرةً، تُترجم المشاعر الإنسانية الجامحة إلى أنغامٍ شفافة، تجعلك تشعر وكأن اللحن قد كُتِبَ خصيصًا لروحك، لذكرياتك، لأحلامك.

ياني لا يعزف فقط على البيانو، بل يعزف على مشاعر المستمعين، ينسج لهم من الأصوات مساحاتٍ للتأمل والتحليق والشفاء. معزوفاته ليست مجرد استماع، بل هي تجربةٌ حسيةٌ كاملة، رحلةٌ تأخذك من صخب الواقع إلى واحة من الجمال الصافي، حيث تكتشف أن الموسيقى، في تجليها على يد سيد مثل ياني، هي حقًا أحد أعظم عطايا الحياة وأجمل نوافذ الروح إلى عالم اللاّمحدود.
ولد ياني باسم يانيس هريسوماليس في 14 نوفمبر عام 1954 في مدينة كالاماتا اليونانية المطلة على البحر المتوسط، وهو الولد الأوسط لوالديه بين أخ واخت وهو الآن مواطن أميركي.
ظهرت موهبته الموسيقية الفذة وهو في السادسة من عمره، حيث بدأ بالعزف على البيانو في هذه السن المبكرة، والغريب أنه لم يأخذ دروسا في البيانو او النوتة الموسيقية.
في طفولته كان يمارس السباحة في الفريق الوطني اليوناني، وفي عام 1969 حيث كان يبلغ 14 عاما، سجل رقما قياسيا في سباحة الـ50 مترا.
انتقل ياني عام 1972 إلى الولايات المتحدة لدراسة علم النفس في جامعة مينسوتا وتخرج فيها عام 1976 بحصوله على البكالوريوس، وكان يخطط للحصول على الدكتوراه، لكنه قرر التفرغ للموسيقى، وبعد 30 عاما منحته الجامعة درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب.
أصدر ألبومه الأول عام 1980 وهو الألبوم الذي لفت الأنظار لموهبته الموسيقية، وبدأ منتجو هوليوود في التعامل معه لوضع موسيقى العديد من الأفلام الشهيرة.
ضربته الكبرى جاءت من خلال ألبوم «ياني لايف في الأكروبوليس» الذي صوره في اشهر المعابد اليونانية، وحقق الألبوم شهرة عالمية وباع 7 ملايين نسخة حول العالم، وأصبح ثاني أكثر الأعمال الموسيقية مبيعا على مر العصور، وحقق الألبوم 35 جائزة عالمية.
يعد ياني الموسيقي الوحيد في العالم الذي أقام أمسيات في 8 من اشهر مواقع التراث العالمي في قائمة اليونيسكو: الأكروبوليس (اليونان)، تاج محل (الهند)، المدينة المحرمة (الصين)، قرطاج (تونس)، الكرملين (روسيا)، الأهرامات (مصر) قلعة مورو (بورتوريكو)، قلعة جبيل (لبنان).
أقام ياني أمسيات في 160 مدينة حول العالم، واستمع إلى موسيقاه جمهور يقدر بـ 250 مليونا.

وأصدر 18 ألبوما حتى الآن (12 ألبوما مسجلا في الاستوديو و6 ألبومات حية)، وباعت أعماله أكثر من 20 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم.

يطلق نقاد الموسيقى على أعماله «الموسيقى الجديدة» لكنه لا يفضل هذا الوصف، ويفضل عليه وصف «الموسيقى المعاصرة» ويتم وصف موسيقاه بأنها تعكس شعار «عالم واحد.. شعب واحد».

صدرت سيرته الذاتية عام 2003 في كتاب بعنوان «ياني في كلمات»، يتحدث فيه عن طفولته ورحلته مع الموسيقى وعلاقته بالممثلة الأميركية ليندا أيفانس التي ارتبط بها لفترة طويلة، وفي هذا الكتاب يعرف ياني الموسيقى بأنها «لغة صريحة تخاطب الروح بدرجة لا تصدق».

في عام 2006 تم إلقاء القبض على ياني عقب معركة مع صديقته سيلفيا بارثيس، ووجهت له تهمة ارتكاب انتهاكات منزلية واسقطت التهمة بعد ثلاثة أسابيع.

في عام 1998 توقف لعامين بعد جولة هائلة على مدن العالم، وأرجع التوقف إلى الإرهاق والبحث عن فترة راحة ومعرفة المزيد عن العالم، وقد اضافت هذه الفترة إلى موسيقاه الكثير من العمق، وعاد إلى الموسيقى عام 2000 بألبوم «لو أستطيع أخبارك» الذي حقق نجاحا ساحقا على مستوى العالم.

ياني هو المتحدث الرسمي للصندوق العالمي للحياة البرية، حيث يبذل جهوده لجمع التبرعات من أجل الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *