Home / اقتصاد / سوريا الجديدة: من رماد الصراع إلى وهج الازدهار – أسامينا

سوريا الجديدة: من رماد الصراع إلى وهج الازدهار – أسامينا

سوريا الجديدة: من رماد الصراع إلى وهج الازدهار – أسامينا


الاعلامي : مازن مخلوف

في قلب الشرق الأوسط، حيث تتأصل الحضارات وتتلاقى الثقافات، تقف سوريا اليوم على عتبة فرصة تاريخية لإعادة رسم ملامحها. ليست هذه الأرض مجرد متحف للتاريخ العريق، بل هي وعاء لشعب عظيم قادر على صياغة مستقبل أكثر إشراقاً. فالمستقبل لا يُبنى على أنقاض الانقسام، بل على جسور التعايش. لا ينمو في تربة الصراع، بل في حقول العمل المشترك. ولا يزدهر بالجمود، بل بزخم الابتكار.
التعايش: اللبنة الأولى لأمة قوية
في سوريا، ليس التعايش مجرد خيار، بل هو المصير الوحيد الذي يضمن كرامة العيش للجميع. إنه الجسر الذي يربط بين نسيج المجتمع المتنوع، يحوّل الاختلاف من مصدر للتوتر إلى منبع للقوة. وعندما نعمل معاً ليعيش السوريون كشركاء متساوين في الحقوق والواجبات، تتبدد العقبات أمام كل خطوة نحو التقدم.
الوحدة الحقيقية لا تعني التطابق، بل تعني التكامل. والمواطنة الصادقة تتجلى في شعور كل فرد بأنه جزء فاعل من هذا الوطن، ليس فقط بحقه في العيش بسلام، بل بواجبه في البناء والإبداع.
الاقتصاد: لغة المصلحة المشتركة التي توحدنا
في عالم يسابق الزمن، يصبح الاقتصاد هو الملاذ الآمن الذي يجمع السوريين حول أهداف مشتركة. فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة ليست مجرد قاطرة للنمو، بل هي أداة لتعزيز التماسك الاجتماعي. عندما ينخرط الناس في بناء أعمالهم وخلق فرص العمل والمساهمة في التنمية، تتلاشى تدريجياً تلك الخطوط الوهمية التي تفصل بينهم.
ليزدهر الاقتصاد، لا بد من استعادة الثقة؛ ثقة السوريين ببعضهم البعض، وثقة المستثمرين بسوريا. وهذا يتطلب أن نعمل لترسيخ بيئة قانونية عادلة، وحوكمة رشيدة، وشفافية تكافئ الجهد وتحمي الحقوق. لن تتدفق الاستثمارات الأجنبية إلا إلى بلد يجسد الاستقرار الداخلي والرؤية الواضحة للمستقبل. إن استقرار سوريا يبدأ من قدرتها على توحيد جهود أبنائها.
الابتكار والعلم: بوصلة المستقبل السوري
العالم من حولنا يهرول في سباق التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والطاقات المتجددة، وسوريا لا يمكنها أن تقف على الهامش. لدينا عقول شابة متعطشة للمعرفة، ومواهب قادرة على المنافسة عالمياً إذا وجدت الدعم والفرصة.
الاستثمار في البحث العلمي وتعليم الأطفال والشباب ليس رفاهية، بل هو استثمار في البقاء والريادة. نحن بحاجة إلى مدارس تغرس بذور التفكير النقدي، وجامعات تتحول إلى مراكز بحثية حقيقية، وشركات تتبنى الابتكار كركيزة. للحاق بركب التقدم، يجب أن نخصص الموارد الكافية للعلم ونشجع أطفالنا على الحلم بمستقبل لا تحده القيود.
محاربة الكراهية: صمام الأمان لمستقبل بلا انقسام
لا يمكن بناء اقتصاد مزدهر أو نهضة علمية في ظل وجود خطاب كراهية يزرع الشقاق ويهدم الثقة. لذلك، يجب أن نعمل لتكون سوريا وطناً للجميع، وهذا يتطلب قوانين صارمة، وإعلاماً مسؤولاً يبث الأمل، ومؤسسات تعليمية تغرس قيم التسامح والمواطنة.
إن القضاء على خطاب الكراهية ليس واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو شرط أساسي لأي تنمية حقيقية. فالشعب الذي يستهلك طاقته في الصراعات الداخلية لن يكون قادراً على منافسة العالم.
معاً… نكتب الفصل الأجمل من تاريخ سوريا
سوريا التي نحلم بها ليست بعيدة المنال، لكنها تحتاج إلى قرار جماعي بأن هذا المستقبل يستحق كل جهد. مستقبل يسوده السلام، يزدهر فيه الاقتصاد، تُبنى فيه المعرفة، ويعيش فيه الجميع بمحبة وألفة.
اليوم، نحن أمام خيارين: إما أن نستمر في الانشغال بما يفرقنا، أو ننطلق نحو ما يوحدنا. لنختار طريق التعايش، والعمل، والابتكار. لنبدأ من حيث نحن، وبما نملك، لأن كل رحلة طويلة تبدأ بخطوة.
معاً… نستطيع.

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *