Home / أخبار سوريا / سوريا وأميركا… من القطيعة إلى مدِّ جسور التّواصل والتّعاون

سوريا وأميركا… من القطيعة إلى مدِّ جسور التّواصل والتّعاون

أسامينا

نور جوخدار:
تزامنًا مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل، وصل وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى واشنطن اليوم، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ نحو ربع قرن، تهدف إلى إجراء محادثات مهمة مع الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونغرس بشأن الرفع الدائم للعقوبات والتوصل إلى اتفاق أمني جديد مع إسـ ـرائيل.
وتأتي هذه الزيارة بعد تصريحات السيد الرئيس أحمد الشرع، التي أشار فيها إلى أن المفاوضات الجارية مع إسـ ـرائيل قد تؤدي إلى نتائج ملموسة “في الأيام المقبلة”، معربًا عن أمل دمشق أن يُفضي الاتفاق إلى وقف الضربات الجوية الإسـ ـرائيلية وانسحاب القوات المتوغلة في جنوب البلاد.
وعلى مدى عقود طويلة، مرت العلاقات السورية- الأميركية بتحولات سياسية وصراعات متشابكة على المستويين الإقليمي والدولي، بدءًا من الحرب الباردة، مرورًا بالحـ ـروب العربية- الإسـ ـرائيلية، وصولًا إلى الثورة السورية التي انتهت بتحرير البلاد من نظام الأسد، وهو ما أعاد رسم ملامح هذه العلاقة التاريخية.
البدايات قبل الاستقلال (1918 – 1946):
أقامت الولايات المتحدة تمثيلًا دبلوماسيًا في دمشق في عهد الدولة العثمانية، ومع نهاية الحـ ـرب العالمية الأولى وانسحاب العثمانيين من بلاد الشام، دعمت السوريين في مطالبهم بالاستقلال عن الانتداب الفرنسي والبريطاني، كما شاركت سوريا عام 1945 في تأسيس الأمم المتحدة، وأقامت علاقات رسمية مع واشنطن قبل استقلالها الكامل بعام واحد.
وتأرجحت العلاقات بين التعاون والصراع، وسط موجة الانقلابات العسكرية والتي انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية أكثر من مرة في تلك الفترة.
وبعد انقلاب حافظ الأسد 1970 تدهورت العلاقات بين الطرفين، وأُدرجت سوريا عام 1979 على قائمة “الدول الراعية للإرهـ ـاب”، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية وعسكرية، ومع ذلك شهدت الفترة محاولات محدودة لتحسين العلاقات أبرزها زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر إلى دمشق في 15 حزيران 1974، في محاولة لإحياء العلاقات بعد قطيعة دامت حوالي 7 سنوات.
التعاون المحدود ومحاولات السلام 1991 – 2001
رغم مشاركة سوريا في التحالف الدولي أثناء حـ ـرب الخليج 1991، استمرت العقوبات الأميركية، وحاول الرئيس بيل كلينتون إشراك دمشق في مسار أوسلو والتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل لكنه فشل، وفي عام 2001 أدت هجمات 11 أيلول، إلى تغير جوهري في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط ككل، وحينها صنفت الإدارة الأميركية خلال فترة رئاسة جورج بوش الابن، نظام بشار الأسد المخلوع، ضمن “محور الشر”، وفرضت قانون محاسبة سوريا 2003، وعقوبات إضافية 2004، متهمة دمشق بدعم حـ ـزب الله وفتح الحدود للمقاتلين في العراق.
وفي عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما حاولت واشنطن الانفتاح على دمشق، لكن اندلاع الثورة السورية في منتصف آذار 2011 قاد إلى فرض عقوبات واسعة وشاملة على النظام السوري آنذاك، بسبب القمع الذي مارسه، فكان أبرزها “قانون قيصر” 2020، وفي نهاية عام 2022 وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانون “الكبـ ـتاغون1” بسبب تورط الأسد بصناعة وتجارة المخـ ـدرات، ثم وسّع نطاق العقوبات بتوقيعه على “الكـ ـبتاغون 2” في 24 نيسان 2024 للحد من التمويل غير المشروع للنظام.
ما بعد سقوط الأسد 2025
وأبرز المحطات في العلاقات السورية الأميركية، بعد انتصار ثورة الشعب السوري وسقوط نظام بشار الأسد، هو إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتصف أيار الماضي من العاصمة السعودية الرياض قراره برفع العقوبات عن سوريا، وكذلك لقاؤه بالرئيس الشرع بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتجسد إعلان رفع العقوبات بإصدار الرئيس ترامب في حزيران 2025 أمرًا تنفيذيًا أنهى بموجبه البرنامج الأميركي للعقوبات الاقتصادية على سوريا، مع إبقاء العقوبات على الأسد وأركان نظامه، فاتحًا بذلك الباب أمام استثمارات إقليمية ودولية في إعادة الإعمار، خاصة من تركيا والدول الخليجية.
واليوم، تعد زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى واشنطن اختبارًا حقيقيًا لمرحلة مهمة في العلاقات السورية- الأميركية، بعد عقود من التوتر والتقاطع الإقليمي والدولي.

صحيفة_الثورة

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *