قهوةالبزنس إدارة: الكفاءة والفاعلية” “سباق تحصيل الديون”
أسامينا
قصة قصيرة: ” الكفاءة والفاعلية” “سباق تحصيل الديون” (لفهم هذين المصطلحين)
د. عبد الملك محمد ملهي – استشاري الموارد البشرية والتنظيم المؤسسي
في قسم التحصيل، سلّم المدير قائمة غير مرتبة من 100 حساب متعثر إلى اثنين من موظفي القسم هما: “سريع” و “سديد” وكان الهدف واضحًا: تحقيق أعلى عائد للخزينة بنهاية اليوم.
- الموظف “سريع” (الكفاءة غير الموجهة): رأى هذا اليوم أن القائمة هي خط نهاية يجب الوصول إليه. قام فورًا بتشغيل نظام الاتصال الآلي الجديد والمُكَلِّف، وبدأ الاتصال بالأسماء من الأعلى للأسفل دون أي فرز. كان تركيزه منصبًا على مقياس واحد: عدد المكالمات المنجزة في الساعة. كان سريعًا، منهجيًا، ومثالًا للموظف المنشغل الذي لا يهدأ. لقد كان يؤدي العملية بكفاءة ظاهرية مبهرة.
- الموظف “سديد” (الفاعلية الاستراتيجية): تجاهل ضغط البدء الفوري. قضى الساعة الأولى في تحليل القائمة، مقسمًا العملاء بهدوء إلى فئات حسب احتمالية السداد. استبعد الأسماء الميؤوس منها، وحدث نفسه قائلا، دعني هذا اليوم أركز على هذه الأرقام الكبيرة والممكن سدادها هم حوالي: 25 حسابًا واعدًا. استخدم هاتفه العادي وبدأ يتصل بهذه المجموعة المركّزة، مسلحًا بفهم لحالة كل عميل وبحلول تفاوضية جاهزة. كان تركيزه منصبًا على مقياس مختلف: نسبة نجاح المكالمات.
نهاية اليوم: - سريع: أتمّ الاتصال بـ 100 عميل. احتفل بأنه “أنهى القائمة”، لكنه لم يحصّل إلا مبالغ متفرقة من 7 عملاء. لقد حقق أقل وقت لكل مكالمة، لكن العائد مقابل تكلفة وقته واشتراك النظام الآلي كان ضئيلاً جدًا.
- سديد: اتصل بـ 22 عميلاً فقط. لكنه نجح في إغلاق تسويات مثمرة مع 16 منهم، محققًا للخزينة أربعة أضعاف ما جمعه “سريع”. صحيح أن تكلفة وقته لكل مكالمة كانت أعلى، لكنه حقق أقل تكلفة لكل دولار تم تحصيله، وهو المقياس الحقيقي للنجاح.
النتيجة: “سريع”: مائة مكالمة… عائد ضئيل. “سديد”: اثنتان وعشرون مكالمة… عائد مضاعف.
الحبكة الذكية هنا: - الموظف سريع: لم يكن غبيًا، بل كان ضحية التركيز على المقياس الخاطئ. (المؤشرات الغبية) لقد كان كفؤًا جدًا في تنفيذ عملية غير فعّالة.
- الموظف سديد: كان فعّالًا في تحديد أين يضع جهده، وهذا جعله أكثر كفاءة بالمعنى الحقيقي للكلمة: تحقيق أعظم النتائج بأقل استنزاف ممكن للموارد (وقته، وجهده، وأموال البنك).
الدروس المستفادة للقائد:
أولا: المبادئ الأساسية والتعريفات
- الفاعلية: لا تتعارض مع السرعة، لكنها تبدأ بقرار استراتيجي صحيح قبل التنفيذ.
- الكفاءة: إذا لم تُربط بالفاعلية، فإنها تتحول من ميزة إلى خطر استراتيجي لأنها تُهدر الموارد بشكل أنيق ومنظم.
- قد يكون من المهم أن نعلم بأن:
o الكفاءة (Efficiency) رغم أنها تأتي في كل أنشطة الشركة إلا أنها غالبا ما تبدوا واضحة جدا في المستوى التشغيلي (Operational Level).
o الفاعلية (Effectiveness) رغم أنها مطلوبة في تنفيذ كافة أنشطة الشركة إلا أنها غالبا ما تبدو واضحة في المستوى الاستراتيجي (Strategic Level).
فهم هذا البُعد قد يساعد القادة على رؤية الصورة الأوسع.
ثانيا: دور القائد في التطبيق العملي - القصة تبرز دور المدير المعني في وضع مؤشرات أداء ومستهدفات ذكية لضبط منظومة أداء الأفراد، بتوجيه عناصر الكفاءة والفاعلية لتحقيق التميز).
- لا تبهر بسرعة الأداء، بل بقيمة الإنجاز. فَتِّشْ دائمًا عن أمثال الموظف “سديد” في فريقك وكافئه وأكد له حسن عمله ذاك، كما ينبغي عليك أن تبحث في فريقك عن أمثال الموظف “سريع”. قم بتوجيههم ليفكروا ويجدولوا مهامهم قبل أن يندفعوا في التنفيذ.
- ينبغي على القائد أن يعلم أنه ليس كل الموظفين برجاحة عقل أو خبرة الموظف ” سديد ” (فربما علمته الأيام أو التدريب، أو ربما حصل على التوجيه من قائد محنّك) لأن البعض منهم مع تركيزه على تحقيق الأهداف قد لا ينتبه لما قد يصرفه من موارد المنظمة في سبيل تحقيق أعلى فعالية.
ثالثاً: الدرس القيادي والمعادلة النهائية
- تَعَلَّم كيف تضع مؤشرات أداء ومؤشرات ذكية تحقق الموازنة بين الفعالية في التنفيذ والكفاءة في إنفاق الموارد.
- كن مُدَرِّبًا ومُوَجِّهاً واستفد من التجارب لتصحيح الأداء وتحسينه لتصل إلى المعادلة التي تقول:
كفاءة + فعالية = التميز
أخيرا:
“أن تعمل بذكاء أهم من أن تعمل بسرعة، لكن القائد الحقيقي هو من يجعل فريقه يعمل بسرعة وبذكاء معًا.”