كيف تراقب دول الخليج الحرب الإسرائيلية الإيرانية وهل من مصلحتها “انهيار الجارة الكبيرة”؟ – أسامينا
الشرق الأوسط
تسعى دول الخليج إلى تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية لمنع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، في ظل غياب مؤشرات على قرب انتهاء الأزمة واستمرار التوترات الإقليمية مع تلميحات أمريكية بالتدخل. وحذر رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر في منشور على منصة إكس من أن “ليس من مصلحة دول الخليج أن ترى إيران الجارة الكبيرة تنهار”، موضحا أنها “معرضة لمخاطر التصعيد مباشرة قبل غيرها… وتدفع ثمنا باهظا للتصعيد الراهن
تواصل دول الخليج جهودها الدبلوماسية في محاولة عاجلة لتفادي اتساع رقعة الحرب المشتعلة على حدودها بين إيران واسرائيل خصوصا مع تلميحات أمريكية حول احتمال تدخل واشنطن، إلا أن هذه الجهود لم تثمر عن مؤشرات على قرب انتهاء الأزمة.
ويوضح الخبير السعودي المقرب من الحكومة علي الشهابي لوكالة الأنباء الفرنسية أن “الرياض أطلقت مساعي دبلوماسية منذ اللحظة الأولى بهدف احتواء التوتر”، مشددا في الوقت ذاته على عدم وجود “إشارات إيجابية” في الأفق القريب.
وانطلق الجمعة الهجوم الإسرائيلي على إيران، وركز على منشآت عسكرية ونووية، بينما ردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على مناطق متعددة داخل إسرائيل. وتصف تل أبيب عملياتها بأنها “ضربة وقائية” تهدف لمنع إيران من تطوير سلاح نووي يهدد أمنها، لكنها لا تتوقف عن توجيه رسائل إلى الشعب الإيراني تحثه على إسقاط النظام.
وحتى سنوات قليلة مضت، ظلت علاقات دول الخليج، خصوصا السعودية، متوترة مع إيران، حيث جرى اتهامها بالتدخل في شؤون عدد من الدول العربية ودعم مجموعات مسلحة فيها. غير أن التوافق الذي أبرم بين الرياض وطهران قبل نحو عامين أسس لهدنة بين الطرفين.
وقد يشكل انهيار النظام الإيراني أو اضطلاعه بالفوضى خطرا كبيرا على استقرار منطقة الخليج ذات الأهمية النفطية والاستراتيجية والتي تستضيف قواعد أمريكية هامة.
الاستقرار والسلام كانا ولا يزالان محورين أساسيين في خطط صعود بلدان الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات، والتي تسعى لتنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط عبر تطوير قطاعات الأعمال والسياحة وغيرها.
الدفع باتجاه وقف التصعيد جعل قادة الخليج يسعون إلى تكثيف تواصلهم مع طهران وواشنطن وشركاء إقليميين ودوليين لفرض ضغوط دبلوماسية من أجل إنهاء الأزمة
“أفضل سيناريو”
ويعتقد الشهابي أن الخيار الأمثل يكمن في “التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة” لتسوية الأزمة الراهنة.
لكن الهجوم الإسرائيلي الأخير جاء ليعيق مسار المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران بخصوص البرنامج النووي، مما أدى إلى إلغاء الجولة السادسة من المحادثات التي كان من المقرر عقدها في مسقط يوم الأحد.
من جانبه، حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران على “الاستسلام بدون شروط” محذرا من إمكانية استهداف المرشد الأعلى الإيراني “لكن ليس في الوقت الحالي”، مما عزز التكهنات بشأن تدخل أمريكي محتمل في المواجهة.
وقد يدفع أي تحرك من هذا النوع، طهران للرد على قواعد وأصول عسكرية أمريكية منتشرة في الخليج.
ويرى حسن الحسن، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن دول الخليج “تفتقر إلى القدرة على التأثير في قرارات إسرائيل أو إيران أو تغيير نتائج هذه الحرب”.
منع “انهيار” إيران
وفي بداية الأحداث دعا ترامب طهران للعودة إلى طاولة الحوار بعد الهجوم الإسرائيلي، غير أن مصدرا مطلعا أفاد بأن إيران أبلغت وسطاء من قطر وعمان بعدم استعدادها للتفاوض أثناء استمرار الهجمات الإسرائيلية.
وأكد ترامب الأربعاء أن طهران تواصلت مع واشنطن لمحاولة فتح قنوات تفاوض، مستدركا بقوله: “قلت إنه فات الأوان للمباحثات”، ومشيرا إلى أن “هناك فرقا كبيرا بين اليوم وما قبل أسبوع”.
ومع استمرار عمان في أداء دور الوسيط عبر اتصالاتها مع عواصم عدة بغية احتواء التصعيد، أبدى الحسن تشكيكه في جدوى وساطة خليجية في هذه المرحلة، قائلا: “إسرائيل ليست بصدد تقديم تنازلات، وترامب لا يبدو مستعدا لممارسة أي ضغط على نتانياهو”.
ويضيف: “من الصعب أن نتخيل نهاية جيدة للحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، خاصة في ظل توسع أهدافها من ضرب البرنامج النووي والصاروخي إلى إسقاط النظام، وهو ما يثير قلق جيران إيران في الخليج”.
وأردف أن سيناريو تحول إيران إلى “دولة فاشلة” على حدود الخليج سيكون بمثابة كابوس، بالإضافة إلى خطر سيطرة حكم “أكثر تطرفا وتشددا” على البلاد.
الإمارات بدورها عبرت عن رفضها للتصعيد.
وبحسب بيان وزارة الخارجية الإماراتية الثلاثاء، فقد أجرى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “اتصالات دبلوماسية مكثفة ركزت على تعزيز الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وتفادي تمدده”.
كما أجرى الشيخ محمد بن زايد اتصالا هاتفيا بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان، الذي تواصل مؤخرا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أيضا.
أما قطر فقد انخرطت في السابق مع الولايات المتحدة ومصر في مساعي التوسط لإقرار تهدئة في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، وأسهمت كذلك في مفاوضات الإفراج عن خمسة أمريكيين من إيران في 2023.
ووجه رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر تحذيرا عبر منصة إكس من أن “دول الخليج ليست في مصلحتها أن تنهار إيران الجارة الكبيرة”، مضيفا أن هذه الدول “ستكون أول المتأثرين من التصعيد… وستدفع ثمنا باهظا نتيجة التوتر الحالي”.
بدوره أشار دبلوماسي عربي إلى أن “إسرائيل تهدد الجميع في الخليج”، متهما الدولة العبرية بـ”الاستخفاف بأمن المنطقة”.
أي تطور للصراع قد يعرض أمن الخليج ومشاريعه التنموية العملاقة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لخطر جسيم.
ويخلص الحسن إلى أنه “رغم وجود تعاطف محدود مع النظام الإيراني في دول الخليج، إلا أن أحدا لا يرغب في فوضى تتيح لإسرائيل ضرب أي طرف متى شاءت دون مراعاة القانون الدولي”.
فرانس24/ أ ف ب