Home / Blog / لنكن جميعاً مجانين ………….لبنان

لنكن جميعاً مجانين ………….لبنان

أسامينا

نبيه البرجي

استراتيجية دفاعية ؟ كي لا نضيع في المصطلحات الضائعة , في زمن القوة المجنونة . ولقد رأينا كيف أن الرئيس دونالد ترامب أبدل تسمية “وزارة الدفاع” بـ “وزارة الحرب” , بعدما لاحظ أن شيئاً ما حدث في بكين . الخبراء العسكريون بدأوا يتحدثون عن ولادة حلف روسي ـ صيني ـ كوري شمالي (ربما أغوى الهند لاحقاً) لفرض الحصار على أميركا , ومن الباسيفيك الى المحيط المتجمد الشمالي , بعد حصارها الجهنمي للكرة الأرضية . مثلما يحكم المجانين “أميركا العظمى” , يحكم المجانين “اسرائيل العظمى” !
لا العالم سيبقى على حاله , ولا الشرق الأوسط سيبقى على حاله , ما دامت دول كثيرة , بما فيها المملكة العربية السعودية , وبما فيها تركيا , وصولاً الى مصر , باتت تستشعر أن حكومة بنيامين نتننياهو , الباقية الى ما شاء الله , وبالشارع الذي يسند رأسه . أكثر فأكثر , الى التوراة , ماضية في سياساتها الاسبارطية , دون الالتفات ولو لهنيهة الى الواقع . ثمة طريق واحد أمام القوة المجنونة . الارتطام بالتاريخ الذي طالما تساءلنا ما اذا كان هو الذي يمتطي ظهر الشيطان أم كان الشيطان هو الذي يمتطي ظهره …
عالم متعدد الأقطاب . هكذا قالت قمة بكين , وهي تستعرض , بصورة أثارت ذهول البنتاغون الذي يتوجس من أن تتحول الصين , في غضون 10 سنوات على الأكثر , الى المرتبة الأولى في مجال التكنولوجيا العسكرية , ولكن تحت شعار “القوة العاقلة” . صحيفة “اسكرا” الروسية كتبت “لا مكان لأدولف هتلر ولا لنابليون بونابرت في عصرنا , أي لا مكان لدونالد ترامب الذي عجز عن فهم روسيا , روسيا المقدسة .
هو الرئيس الذي ظن أن فلاديمير بوتين يلهث وراء الحل في أوكرانيا , الرئيس الروسي كان بحاجة الى الحرب هناك لكي تستيقظ بلاده من الليلة الليبرالية القاتلة , أو من الليلة الأميركية القاتلة , ليرتدي قبعة القيصر . هكذا ظهر في بعض الصحف الأوروبية , وحيث تبدو القارة العجوز بشخصية دونكيشوت لقرارها نشر قوات في أوكرانيا , بسبب التذبذب في السياسة الأميركية . ولكن ألم يحذّر السياسي الفرنسي جان ـ لوك ميلانشون من ردة فعل الدببة القطبية حين يكون هناك من يحاول أن ييع جلدها .
الشرق الأوسط ليس بالبعيد أبداً عن تداعيات ذاك الذي جرى في الشرق الأقصى . الرئيس الأميركي اعترف باته خسر الهند التي كان يراهن على أن تكون “المدخل الجبار” لذلك الطريق الذي يمتد من نيودلهي الى تل أبيب , مروراً بالخليج , والذي يقطع الطريق على طريق الحرير , بنسخته المحدثة , من بكين والى أكثر من موطئ قدم في الشرق الأوسط .
هذا ما يراه البنتاغون الذي يستخدم نتنياهو لتحويل الشرق الأوسط , بكامله , الى مستوطنة أميركية , والا لماذا ذلك الاحتضان للرجل الذي أعلن اعتزامه اقامة اسرائيل الكبرى لا من النيل الى الفرات , وانما من باب المندب الى ضفاف قزوين , ومن مضيق هرمز الى مضيق الدردنيل , أي بالحاق ايران , يهشاشتها الايديولوجية , وبانكفائها الجيوستراتيجي تبعاً لما يقولون , وتركيا التي من الواضح أنها في صدد اقامة “العالم التركي” الذي يضم ايضاً البلدان العربية , بهلهلة عروشها ومجتمعاتها .
أين لبنان في ظل تلك الاحتمالات (التحولات) ؟ وهل حقاً أن قمة بكين قررت التركيز على الوقوف العملاني مع ايران , بالموقع الجغرافي البالغ التاثير في صراع الأمبراطوريات , ان حول آسيا الوسطى , او حول الشرق الأوسط , وحتى حول ادارة العالم , ولذي سيكون حتمياً في رأي الباحث الأميركي في الصناعات الصينية , والاستاذ في جامعة برنستون , كايل تشان . ماذا حين نعلم ماهية العلاقات بين “حزب الله” والولي الفقيه ؟
لم تعد دول الطوق هي هي , ان بالمعايير التوراتية أو بالمعايير الكلاسيكية , اي أنه يشمل فقط الدول المعروفة , والمبعثرة على ذلك النحو الدراماتيكي . كل دول المنطقة , بما في ذلك مصر , يفترض أن تكون خالية من السلاح , أو أن السلاح تحت السيطرة الأميركية , أو الاسرائيلية .
الآن , بدأ الحديث عن الجانب الغبي في شخصية نتنياهو حين يراهن على مواقف دونالد ترامب الذي يلاحظ أن تحولاً ما بدأ في الظهور ان داخل قاعدته الشعبية , او في الكونغرس , حيال السياسات الدموية الاسرائيلية في غزة , والتي لا مبرر , قطعاً , لها بعدما تحول القطاع الى أنقاض , فيما انتقلت غالبية السكان الى الخيم , أو الى العراء . ها هي الادارة تجري , بعيداً من الضوء , “محادثات عميقة” مع حركة “حماس” لاطلاق الرهائن كخطوة ضرورية لانتزاع هذه الورقة الحساسة من يدي رئيس الحكومة الاسرائيلية , لنلاحظ أن بعض الديبلوماسيين المخضرمين في واشنطن (مثل آرون ميلر أو ريتشارد هاس) يتساءلون عن سبب عدم اجراء محادثات مماثلة مع “حزب الله” في لبنان للبحث في مسألة السلاح .
متى ندرك , كلبنانيين , وبيننا الكثيرون الذي يمدون أيديهم , في الخفاء أو في العلن , الى نتنياهو , دون أن يلتفتوا الى ما يفعله في سوريا التي تكاد قيادتها تجثو أمامه أو أمام العراب الأميركي .
حيال هذا الواقع , قرارحكومة الرئيس نواف سلام نزع سلاح “حزب الله” , على أن يتولى هذه المهمة الجيش اللبناني الذي لا يمكن أن يكون أداة في يد ايال زامير , ودون أن تستطيع دبابات هذا الأخير من الاقتراب من بيروت , بعدما دقت على أبواب دمشق . لكن الاميركيين ما زالوا يدفعوننا الى الزاوية الاسرائيلية (والا…) . نسوا أنهم كانو يطلقون على المقاومين في لبنان “مجامين الله” . الآن “مجانين لبنان” . لنكن , جميعاً , “مجانين لبنان” !!

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *