ملخّص لأبرز ما جاء في اللقاء التفاعلي الذي ناقش واقع التعليم والتحديات والحلول الممكنة في محافظة درعا
أسامينا
باسل منصور
عُقد لقاء حواري عبر الإنترنت جمع مدير تربية درعا الأستاذ محمد الكفري بعددٍ من الإعلاميين والناشطين من أبناء حوران المقيمين في الخارج، في إطار سلسلة الجلسات الودية التي تهدف إلى تعزيز التواصل بين الداخل والخارج، وفتح قنوات حوار مباشرة بين أبناء المحافظة والمسؤولين.
استمر اللقاء نحو ثلاث ساعات بدل ساعة ونصف، نظرًا لغنى النقاش وتعدد المحاور والأسئلة التي تناولت الواقع التعليمي في درعا، والتحديات الإدارية والإنسانية التي تواجه العملية التربوية.
المحور الأول: التحديات والواقع التربوي
بدأ اللقاء بعرضٍ من مدير التربية لأبرز التحديات التي واجهت المديرية منذ تسلمه لمهامه، مؤكدًا أنه استلم المديرية بعد تركة ثقيلة من الفساد الإداري والمحسوبيات التي كانت سائدة في “عهد النظام البائد”، حسب وصفه.
من أبرز الأزمات التي واجهتها المديرية في بداية العام الدراسي الجديد أربع قضايا رئيسية:
- الطلاب العائدون من الخارج وضرورة إعادة دمجهم.
- البنية المدرسية المتضررة بفعل الحرب.
- نقص الكتب والمقاعد الدراسية.
- نقص الكوادر التعليمية.
وأوضح الكفري أن عدد المدارس في محافظة درعا يبلغ 960 مدرسة، منها 110 مدارس مدمرة بالكامل وخارجة عن الخدمة، و430 مدرسة بحاجة إلى صيانة جزئية نتيجة آثار الدمار.
ولتجاوز أزمة الاكتظاظ، تم تطبيق نظام الدوامين (صباحي ومسائي) في عدد من المناطق، رغم الصعوبات التي واجهت التنفيذ.
كما يجري العمل على معالجة نقص المقاعد الدراسية، إذ تم تأمين نحو 9 آلاف مقعد بدعم من منظمات محلية ودولية وحملة “أبشري حوران” التي ساهمت بشكل فاعل في ترميم المدارس وتجهيزها.
أما نقص الكتب، فيجري أحيانًا تعويضه من خلال قيام الأهالي بطباعة الملفات بصيغة PDF بالتعاون مع المدرسين.
وفيما يخص الكوادر التعليمية، أشار مدير التربية إلى أن النصاب الكامل للمديرية هو 19 ألف موظف، بينما عدد العاملين ضمن الملاك الحالي يبلغ 11 ألفًا فقط، ويتم سد النقص عبر التعاقد مع وكلاء أو عاملين خارج الملاك وفق معايير تراعي الكفاءة والقرب من أماكن العمل.
وأضاف الكفري أن الحمل الأكبر في السنوات السابقة كان يقع على المجتمع المحلي وحملاته التطوعية في دعم المدارس والمعلمين، لكن في الوقت الحالي تراجعت مساهمة المجتمع المحلي وأصبح العبء الأكبر على المديرية وحدها.
المحور الثاني: المداخلات والمقترحات
شهد اللقاء العديد من المداخلات من الإعلاميين المشاركين، الذين أكدوا أن قطاع التربية هو الأهم لجميع السوريين، خاصةً المقيمين في الخارج والراغبين بالعودة إلى سوريا.
تضمنت المداخلات عدة مقترحات أبرزها:
• تطوير العمل الإعلامي في مديرية التربية بدرعا.
• تأهيل كوادر لتعليم وإعادة دمج الطلاب العائدين من الخارج، خاصة أولئك القادمين من أوروبا الذين قد لا يجيدون العربية.
• دعم فكرة المدارس الافتراضية والتعليم عن بُعد.
• تعزيز الرقابة على المدارس الخاصة وضبط النظام التعليمي فيها.
ورد الكفري بأن هناك خطة عملية قيد الإعداد لتأهيل الطلاب العائدين، وأن المديرية قد تشرف بشكل مباشر على المواد التي تُدرّس في المدارس الخاصة.
المحور الثالث: إعادة الإعمار والمبادرات المجتمعية
أكد الكفري أن الدعم الحالي يتوجه نحو المدارس المدمّرة جزئيًا، لأن ترميمها يتطلب ميزانيات أقل ويتيح شمل أكبر عدد من المدارس.
وأشار إلى أن بعض رجال الأعمال بدأوا بتنفيذ مشاريع لإنشاء مدارس جديدة في حوران، منها مدرسة في بلدة صيدا تصل كلفتها إلى ثلاثة ملايين دولار وتستوعب نحو ثلاثة آلاف طالب، على أن تُسلَّم لاحقًا لمديرية التربية لتصبح مدرسة حكومية عامة.
المحور الرابع: الموارد البشرية والتأهيل
أوضح مدير التربية أن المديرية أجرت 94 دورة تدريبية خلال الفترة الماضية، خضع لها 5117 معلمًا في مختلف مناطق المحافظة.
كما عاد إلى العمل 1200 معلم كانوا قد فُصلوا في سنوات سابقة بسبب مواقفهم الثورية، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على وضع معايير جديدة لتنظيم عملهم قريبًا.
وأشار الكفري إلى أن هناك خطة لإعادة هيكلة العمل الإداري والتنظيمي داخل المديرية، لكن تنفيذها يحتاج موافقة مجلس الشعب الذي سيناقشها في جلسته القادمة.
المحور الخامس: العلاقة بين التربية والمجتمع
تطرقت المداخلات إلى أهمية تعزيز دور مجالس أولياء الأمور لتقوية الصلة بين الأهل والمدرسة في دعم الطلاب، وأكد الكفري أن هذا الأمر موجود وتعمل المديرية على تنظيمه وتوسيعه.
كما تم الحديث عن أهمية التربية الرياضية ودورها في تنمية الأطفال بدنيًا ونفسيًا، مع الإشارة إلى نية افتتاح فرع لإعداد المدرّسين الرياضيين في درعا مستقبلًا.
المحور السادس: الصلاحيات والقرارات الإدارية
وردًا على سؤال حول طبيعة الصلاحيات وآلية اتخاذ القرار في مديرية التربية، ومتى يكون القرار لامركزيًّا أو يحتاج العودة إلى الوزارة، أوضح الأستاذ محمد الكفري أن وزارة التربية منحت تفويضات محددة لمديري التربية في المحافظات ضمن أطر قانونية واضحة.
وبيّن أن بعض المعاملات الإدارية — مثل إيقاف الرواتب، أو طلبات الإجازة وإنهائها، أو الندب من مديرية إلى أخرى — تُتخذ قراراتها محليًا ضمن نطاق المديرية.
أما القرارات ذات الطابع السيادي أو الحسّاسة، مثل المشاريع الكبرى أو التعامل مع المنظمات الدولية أو القرارات ذات الأثر المالي الواسع، فيجب رفعها إلى الوزارة للحصول على الموافقة النهائية.
وأضاف الكفري أن العلاقة بين المستويات الإدارية (المدير – المحافظ – الوزارة) تشهد تطويرًا وتوزيعًا تدريجيًا في الصلاحيات بما يحقق التوازن بين المرونة الإدارية والمركزية القانونية في اتخاذ القرار.
المحور السابع: الإعلام والتوعية
ناقش المشاركون أهمية التثقيف الإعلامي في مواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة توعية الطلاب بمخاطر المحتوى المضلل. والعمل على توزيع بروشورات توعوية، وتشجيع المواهب الطلابية في مجالات الإعلام والمسرح والفنون.
كما تم اقتراح عرض أفلام وثائقية عن الثورة السورية وتنظيم زيارات ميدانية لمواقع تاريخية لتعزيز الوعي الوطني والثوري لدى الطلاب.
وأشار المدير إلى أن بعض المدارس حاليًا تحمل أسماء رمزية لأحداث وطنية مثل مدرسة “البنيان المرصوص”.
وفيما يتعلق بآلية التواصل مع المديرية للحصول على المعلومات الإعلامية، أكد الكفري أن ذلك يتم عبر مديرية الإعلام والعلاقات العامة التي تنسّق المواعيد والإجابات مع الصحفيين.
محور الدعم والتكريم والمبادرات
كشف الكفري عن تبرع أحد رجال الأعمال في درعا بمكافآت وجوائز للطلاب المتفوقين، يشمل 1200 طالب من الصف السابع حتى البكالوريا.
كما أشار إلى مبادرة “المعلّم المتميز” التي أطلقتها جمعية وليد الزعبي الخيرية، والتي تهدف إلى تحفيز المدرسين وتكريم المتميزين منهم.
المحور الأخير: العلاقة بين التربية والإعلام والهوية
سُئل الكفري عن تدخله أحيانًا في قضايا عامة خارج نطاق التربية، فأجاب:
“أنا ابن الثورة وحوران، وما يعني حوران يعنيّني. أرى أنه من واجبي أن أشارك وأبدي رأيي فيما يخدم البلد والثورة، فقد يكون صوتي وتأثيري في نشر الوعي أنفع من الصمت.”
كما شدد على أن العلاقة بين الإعلام والمؤسسات الحكومية يجب أن تقوم على التعاون والمصارحة لا التصادم، مؤكدًا أن الإعلام الحقيقي هو شريك في البناء لا خصمًا في الخصام.
اختُتم اللقاء بعد ثلاث ساعات من حوارٍ ثريّ بالمداخلات والأسئلة والمقترحات،
ساده جوٌّ من الاحترام المتبادل والمصارحة البنّاءة،
وتأكيدٌ مشترك على أن مصلحة درعا ووحدة أبنائها هي البوصلة التي تجمع الجميع وتوجّه كل الجهود.
مع خالص التقدير،
باسل منصور
مدير الجلسة ومعدّ المحضر
بالنيابة عن الزملاء المشاركين في اللقاء






