هل خلق الله العرب …؟!
أسامينا
نبيه البرجي
على من يفترض أن نطرح هذا السؤال : هل حقاً أن الله خلق العرب …؟!
لا يمكن لأمة , وفي هذا الزمن المجنون , وحيث يتغير شكل الملائكة , وحتى شكل الأنبياء , وحتى شكل يومياتنا , أن تبقى , هكذا , في قعر الأزمنة , رهينة الثقافة القبلية والثقافة الطائفية التي لم تعد تليق حتى بالقردة . لننظر الى مكاننا , ومكانتنا , بكل تلك الثروات الهائلية , وبالملايين من خريجي الجامعات , لا سيما الجامعات الكبرى , في العالم , دونالد ترامب باصبعه , بل وباصبع قدمه , يأمرنا للجثو بين يديه , أو بين قدميه . هذه حالنا حتى ونحن نقيم صلواتنا في أمكنة العبادة ..
ندرك جيداً ما هي أميركا , والى أي مدى بلغ جبروتها . ولكن هل يمكن أن نبقى , والى الأبد , القهرمانات في ذلك الحرملك , وقد لاحظنا كيف يبيع أولياء أمرنا , سواء كانوا بالرؤوس الذهبية أم بالرؤوس الخشبية , أرواحهم , وأرواح رعاياهم , للشيطان . ولكن ألا نلاحظ أن الرئيس الأميركي الذي انتزع , عنوة , الكثير من صلاحيات الله , انتزع , عنوة , الكثير من صلاحيات الشيطان !
جورج كينان , صاحب نظرية “الاحتواء” (1946 ) , قال “أميركا لا تستطيع البقاء الا اذا أمسكت القرن بقرنيه” . لا عالم من دون أميركا . تصوروا أي عالم من دون الليدي غاغا التي هي في كل بلد عربي , سواء كانت على شاكلة هيفاء وهبي أم على شاكلة أحمد أبو الغيط .
أميركا التي قهرتنا , والتي لا تزال تقهرنا , باسرائيل التي الهها لا يرى فينا سوى الأشكال البشرية , ولكن بأرواح حيوانية (هكذا تقول كتبهم المقدسة) . غريب أننا المقهورون , العراة الظهر , نختال , بعباءاتنا القشيبة , على أرصفة التاريخ , بل وعلى أرصفة الزمن . أمة بحاجة الى من يقلب فيها كل فرد رأساً على عقب . واقعاً , أيها العرب الأفاضل , نحن نمشي على رؤوسنا , ننتظر يوم القيامة ونحن نمشي على رؤوسنا .
في صدفة جمعتنا بالمستشرق الفرنسي جاك بيرك , صاحب “القرآن” , و”الاسلام يتحدى” , قال “أخشى أن تكونوا باجتراركم للجانب الرث من تراثكم التاريخي والديني , قد أرتكبتم الخطيئة التي ارتكبها الغرب , حتى في بعض الفلسفات الحديثة , وحيث تفريغ الانسان من الله ومن الانسان” . بالحرف الواحد خيانة الله وخيانة الانسان …
لكن بيرك لم يتحدث عن خيانة الأرض , وقد تحدث المفكر الفذ جمال حمدان عن “عبقرية الأرض” , و”عبقرية المكان” . أرضنا التي في قبضة دونالد ترامب وبنيامين نتيناهو . هما اللذان لا يقرران فقط مصير لبنان وسوريا وفلسطين (كدول ضائعة) , وانما أيضاً مصير كل حبة تراب من الأرض العربية , دون أن ندري ما اذا كان الوعد الالهي من النيل الى الفرات أم من المحيط الى الخليج ..
فقهاؤنا الذين ظنوا أنهم , باللغة الببغائية , يجعلون منا عبيداً لله (وهل يقبل الله أن نكون العبيد ؟) جعلونا عبيداً للخلفاء , وللأباطرة , وحتى للمشايخ (العلماء) . هنا لا مكان للخوارج , الكل على خطى الذين يقودوننا بالسلاسل (التي تحيط بأرواحنا) الى الجنة . يا صاحبي , ما أروع فنجان القهوة أو كأس النبيذ في أحد مقاهي جهنم !
لكأننا , نحن أصحاب الرؤوس ـ اللارؤوس لسنا , ومنذ ألف عام , في خدمة “حمالة الحطب” , زوجة أبي لهب التي كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي . لنتصور كيف يمكن أن يتلقف الله ساخراً سؤالنا “ما دمت قد ألقيت بنا , ومنذ خروجنا الى الحياة , في جهنم , كيف لك أن تهددنا بجهنم ؟” . باروخ سبينوزا , الفيلسوف اليهودي الهولندي الذي ذاق الأمرين من الحاخامات قال انه لم يعثر على الله في الكتب المقدسة , وانما في الكون وفي الطبيعة وفي داخله . الآن للاسلام , وأي اسلام ذاك , حاخاماته . انهم بين ظهرانينا (هل كلمة “ظهرانينا” صحيحة لغوية أم هي بدعة لغوية ؟) .
كثيرأ ما اتساءل كيف يستطيع الأستاذ شارل والأستاذ حنا (أيوب) أن يتحملاني . لكن الخروج من “الديار” لكأنه الخروج من الدنيا . واذ اقتربت من الخروج من الدنيا , كيف لي بالخروج من “الديار” ؟ . أتذكر وصية محمد أركون لي عندما زرته في السوربون “اياك أن تكون أنت في العالم العربي والا قطعوا رأسك” . دائماً الحجاج بن يوسف الثقفي على الباب . يفترض أن أكون نسخة مجهرية عن ولي الأمر . كلنا كمواطنين في العالم العربي ظواهر عدمية , أقرب ما تكون الى الخردة البشرية . لا مكان لنا لا في السوق الدولية ولا في السوق الاقليمية .
الأميركيون ضربوا القنبلة النووية في هيروشيما واستفاق اليابانيون . وضربوا “أم القنابل” في وادي ننغهار واستفاق الأفغان , وضربوا 7.5 ملايين طن من المتفجرات على الميكونغ واستفاق الفيتناميون …
الأميركيون ضربوا العرب بالقنبلة التوراتية , بأهوالها في هذه العالم , وفي العالم الآخر. وهم ما زالوا المناذرة والغساستة , وما زالوا داحس والغبراء . الأهم عرب الحلال والحرام , في غيبوبتهم الكبرى . الآن , والوقائع أمامنا . من يحاول أن يستفيق ضربة , أو ضربات , على الرأس ليس من الأميركيين أو من الاسرائيلين وانما من العرب . تودون أن تروا جانباً “رائعاًً” من تراثنا بعيداً عن ابن الهيثم وأبي العلاء المعري , وغيرهما الكثيرون . حين فتح عقبة بن نافع شمال أفريقيا , بعث الى دار الخلافة بـ81000 جارية . ما زلنا في نشوتنا الى الآن ..






