Home / تعليم / ذكاء اصطناعي / ذكاء الصناعي وتعلم الآلة ….صراع البقاء: كيف يغير الذكاء الصناعي مستقبل سوق العمل العالمي؟

ذكاء الصناعي وتعلم الآلة ….صراع البقاء: كيف يغير الذكاء الصناعي مستقبل سوق العمل العالمي؟

أسامينا

جويس أبانو

في ضوء ما يقوم به الذكاء الصناعي من إعادة تشكيل لمشهد القطاعات حول العالم، تواجه القوى العاملة تحديًا غير مسبوق في جميع الأنحاء، حيث يحتاج 59% من العمال إلى تحسين مهاراتهم أو إعادة تأهيلها بحلول عام 2030، وفقًا لتقرير مستقبل الوظائف 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

من بين هؤلاء، يحتاج 29% إلى تحسين مهاراتهم بما يتلاءم مع أدوارهم الحالية، في حين قد يُعاد توزيع 19% من القوى العاملة في مختلف المؤسسات، لكن 11% منهم يواجهون خطر فقدان وظائفهم تمامًا.

الذكاء الصناعي مزدوج التأثير
لا تزال التوقعات بشأن تأثير الذكاء الصناعي على الوظائف منقسمة، فقد حذّر داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أبحاث الذكاء الصناعي أنثروبيك، موقع أكسيوس في مايو/أيار من أن الذكاء الصناعي قد يقضي على ما يقرب من نصف وظائف الياقات البيضاء المبتدئة في غضون خمس سنوات.

لكن المنتدى الاقتصادي العالمي يُعارض وجهة النظر تلك، مُشيرًا إلى أن التحولات الهيكلية ستُنشئ 170 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030، أي ما يُعادل 14% من القوى العاملة الحالية.

بدوره يشرح موسى بيدس، الشريك ورئيس قسم الأفكار في PwC الشرق الأوسط، لفوربس الشرق الأوسط دور الذكاء الصناعي في أتمتة المهام الروتينية عالية الحجم، بما يُتيح للمواهب التركيز على الأدوار الاستراتيجية عالية التأثير في الخدمات الرقمية والسياسات وإشراك المواطنين.

قال بيدس: “يفتح الذكاء الصناعي الآفاق أمام القدرات الجديدة، ويُحوّل دفة جهود القوى العاملة نحو عمل أكثر جدوى”.

يُظهر مؤشر وظائف الذكاء الصناعي لعام 2025 الصادر عن PwC أن الوظائف التي تستعين بالذكاء الصناعي تتطور أسرع بنسبة 66% من غيرها، مما يُسلّط الضوء على الحاجة المُستمرة إلى تحسين المهارات. يمكن أن يعزز تبني الذكاء الصناعي المسؤول الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بنسبة تصل إلى 8.3 نقطة مئوية بحلول عام 2035.

الذكاء الصناعي في صدارة المشهد الوظيفي
أصبح محو الأمية الرقمية وإتقان الذكاء الصناعي في صدارة قائمة المهارات الأساسية، يليهما التفكير النقدي، والتفكير الأخلاقي، والتواصل، وإدارة التغيير.

تجعل هذه الكفاءات الموظفين مؤهلين للإشراف على أنظمة الذكاء الصناعي، والتدقيق في المخرجات، ناهيك عن ضمان تطبيق التكنولوجيا بمسؤولية، وفقًا لما صرحت به أنيتا بالسيتش، المديرة الأولى لخدمات الاستشارات في مركز تطوير مهارات القادة في شركة KPMG كندا، لفوربس الشرق الأوسط على هامش منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة 2025 الذي اختُتم مؤخرًا في أوزبكستان.

تواجه بعض الوظائف تحديات وشيكة. وتُحدد بالسيتش مستويات المخاطر على النحو التالي:

مجالات الخطر الأكبر: إدخال البيانات، ودعم العملاء من المستوى الأول، والدفاتر، ومهام المحاسبة الأساسية، إذ جميعها عرضة للأتمتة.
الخطر الطفيف: ستتغير المسؤوليات في بعض الوظائف مثل تحليل البيانات والبرمجة والأطباء، حيث سيعزز الذكاء الصناعي عملهم.
المهام المرنة: تعتمد المهن التي تتطلب مهارة فنية، مثل السباكين والكهربائيين، على خبرة عملية لا يستطيع الذكاء الصناعي تقليدها.
الأدوار التي تتمحور حول خدمة الإنسان: من الصعب أن تطال الأتمتة الوظائف التي تتطلب التعاطف والقدرة على الحكم والتفاعل المباشر – مثل وظائف الخدمات العامة العليا.
يتفق جيسون شلوتزر، الأستاذ المشارك في كلية ماكدونو لإدارة الأعمال بجامعة جورج تاون (برنامج ماجستير إدارة الأعمال التنفيذي في دبي)، مع هذا الرأي، حيث صرح لفوربس الشرق الأوسط: “تواجه الوظائف الحكومية المبتدئة التي تتضمن مهامًا روتينية خطر التلاشي الأكبر، في المقابل تعد الوظائف التي تتطلب التعاطف واتخاذ قرارات معقدة في صلب عمل الإنسان بعيدًا عن الأتمتة”. وشدد شلوتزر على أهمية إعادة تأهيل موظفي القطاع العام بحيث يستفيدون بشكل فعال من قدرات الذكاء الصناعي في عملهم.

وفقًا لأكسفورد إيكونوميكس، قد تؤدي الروبوتات والذكاء الصناعي إلى استبدال ما يصل إلى 20 مليون وظيفة في قطاع التصنيع عالميًا بحلول عام 2030.

من ناحية أخرى، تؤكد نجيبة بينابيس، عميدة كلية إدارة الأعمال بجامعة نيومان، أنه على الرغم من قدرة الذكاء الصناعي على معالجة بيانات هائلة، إلا أنه يفتقر إلى التفكير الأخلاقي والتعاطف والسياق الثقافي – وهي صفات تبقى إنسانية بامتياز وحيوية للتعاون الهادف في مجال الذكاء الصناعي.

القطاعات الأكثر تأثرًا
تتأثر العديد من القطاعات بالفعل بالذكاء الصناعي والأتمتة، حيث يُتوقع أن تواجه بعض الوظائف اضطرابًا كبيرًا قريبًا:

التصنيع: قد تحل الروبوتات والذكاء الصناعي محل ما يصل إلى 20 مليون وظيفة في قطاع التصنيع عالميًا بحلول عام 2030، وفقًا لأكسفورد إيكونوميكس.
النقل والخدمات اللوجستية: تهدد المركبات ذاتية القيادة وظائف النقل، بما يصل إلى 294,000 وظيفة في مجال النقل بالشاحنات لمسافات طويلة في الولايات المتحدة، وفقًا للمركز الأميركي للتنقل.
التجزئة: يُعيد الذكاء الصناعي والتجارة الإلكترونية تشكيل قطاع التجزئة، حيث تُسبب الأتمتة تراجعًا في الوظائف ذات الصلة بنسبة 12% في المملكة المتحدة منذ عام 2008، وفقًا لاتحاد التجزئة البريطاني.
الدفاتر والمحاسبة: تعمل البرامج المدعومة بالذكاء الصناعي على أتمتة المهام الروتينية مثل إعداد الفواتير والتسوية، مما يُعرّض حوالي 25.4% من وظائف المحاسبين القانونيين المعتمدين في المملكة المتحدة لخطر كبير، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية.

التدقيق اللغوي والترجمة: أدت التطورات في معالجة اللغات الطبيعية إلى أتمتة عمليات التدقيق اللغوي والترجمة الأساسية، مع أن المحتوى المعقد والدقيق لا يزال يتطلب خبرة بشرية.
كيفي تؤمن وظيفتك في المستقبل؟
تُشير بالسيتش إلى أن الحكومات التي تتبنى الذكاء الصناعي لتحقيق الكفاءة وإشراك المواطنين يجب أن تُعطي الأولوية للمعرفة الرقمية لتجنب التخلف عن الركب. وأضافت أن تطوير المهارات في مجال الذكاء الصناعي والأدوات الرقمية لم يعد خيارًا؛ بل أصبح أمرًا بالغ الأهمية.

لقيادة قوة عاملة هجينة تجمع بين البشر وتقنيات الذكاء الصناعي بنجاح، تُوصي بالسيتش المؤسسات بالتركيز على خمسة من الأمور الأساسية:

الذكاء الصناعي والمعرفة الرقمية: فهم الذكاء الصناعي التوليدي وتطبيقاته.
التفكير الأخلاقي: ضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الصناعي وتجنب الآراء المتحيزة.
التواصل: تيسير التعاون بين الإنسان والذكاء الصناعي.
التفكير النقدي: تفسير مخرجات الذكاء الصناعي وإصدار أحكام مستنيرة.
إدارة التغيير: إدارة التحول الرقمي المستمر.
تنصح بالسيتش المؤسسات بالبدء في تحديد المهارات، وإعادة هيكلة الأدوار لدمج الذكاء الصناعي، وتبني التغيير. ولن يتحقق هذا سوى باتباع مجموعة من الخطوات أهمها إرساء الحوكمة، وتجريب أدوات الذكاء الصناعي، وغرس ثقافة التعلم المستمر. ولا يمكن إغفال أهمية إنشاء مركز للتميز في دعم الابتكار، وإدارة المخاطر، وتعزيز الممارسات.

كما توصي بالاستفادة من تقييم جاهزية الذكاء الصناعي وحدود المهارات بحيث تُحدد الثغرات ويُعزز التطوير المهني.

ولا يمكن إغفال النماذج مثل أوزبكستان، التي استضافت منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة لهذا العام، حيث تُعزز الدولة جهودها المحلية والدولية في مجال رفع المهارات. في مقابلة مع فوربس الشرق الأوسط، صرّح شيرزود شيرماتوف، وزير التكنولوجيا الرقمية في البلاد، بأن أوزبكستان تُقدّم تدريبًا مُوجّهًا لموظفي الخدمة المدنية وقادة المستقبل.

وعلى الصعيد الدولي، تُقيم الدولة شراكات مع دول مثل الإمارات، حيث تُطلق مبادرات مثل “1 Million Uzbek Coders” و”مليون مُلهم للذكاء الصناعي 1 Million AI Prompters” – لتعزيز المعرفة الرقمية والذكاء الصناعي. كما تتعاون الدولة مع منصة كورسيرا للتعلم عبر الإنترنت.

ترجمة: إيمان فوزي نوفل

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *