Home / اقتصاد / الأسواق المفتوحة تهدد صحة المستهلك في سوريا: فهم مغلوط للاقتصاد الحر

الأسواق المفتوحة تهدد صحة المستهلك في سوريا: فهم مغلوط للاقتصاد الحر


أسامينا

بعد الأخذ بعين الاعتبار رؤية المسؤولين ونظرة المستهلكين نروي واقع الحال بالأسواق السورية واقتصاد السوق الحر..

تبدو الأسواق السورية اليوم أرضًا غير آمنة على صعيد سلامة الغذاء… فتدفق السلع مجهولة المصدر، من الزيوت والمعلبات إلى اللحوم المجمدة والمواد سريعة التلف، يثير قلقًا عميقًا حول صحة المستهلكين.. ورغم أن بعض التجار يسيئون فهم “امتيازات” اقتصاد السوق الحر على أنها إعفاء من الرقابة، يؤكد الخبراء أن هذا الفهم خاطئ تمامًا؛ فمفهوم السوق الحر لا يعني أبدًا التخلي عن الرقابة الصحية الصارمة وضمان سلامة وجودة السلع المتداولة..

الرقابة ضرورة لا يلغيها “السوق الحر”
يوضح أحد المسؤولين بجمعية حماية المستهلك أن السوق الحر لا يتعارض إطلاقًا مع الرقابة التموينية… هذه الرقابة تضطلع بمهام أساسية مثل متابعة الأسعار، والتحقق من صلاحية المواد، ومطابقة المواصفات المذكورة على بطاقة البيان، والتأكد من خلو السلع من العيوب، وتشجيع المنافسة العادلة في الأسعار..بينما يعزز السوق الحر آليات المنافسة السعرية، يبقى دور الرقابة التموينية محوريًا.. فهي مسؤولة عن الجوانب الصحية والتموينية، ومكافحة الغش في البيع، وضمان توافق المواصفات مع السلعة المباعة، وحتى متابعة اختلاف المواد المتفق عليها مع تلك المسلمة للتاجر في سياق العمليات التجارية التي تسبق البيع للمستهلك..
تفعيل الرقابة:
تحدٍّ في ظل غياب التسعير الحكومي
يؤكد المسؤول أن الرقابة التموينية والصحية ما تزال موجودة “من الجانب المتعلق بقوانين ضبط السوق”، ولكنها تحتاج إلى مزيد من التفعيل. الفرق الجوهري اليوم هو غياب التسعير الحكومي الذي كان ملزمًا في السابق. فالآن، يعرض التاجر سلعه بناءً على تكلفتها ومعدلات الربح ضمن إطار المنافسة الحرة..
ومع ذلك، يشير إلى أن الاحتكار والغش منتشران بكثرة في الأسواق، والأسعار باهظة، كما تغيب المنافسة الشريفة. ويشير إلى وجود استغلال كبير للمستهلك في وقت تتراجع فيه فرص العمل وتنخفض الأجور.
سلع خطيرة ومجهولة المصدر تغزو الأسواق
تُعد ظاهرة تدفق المواد الغذائية العشوائية مؤخرًا إلى الأسواق مقلقة للغاية. فالمعلبات غير المضمونة، واللحوم المجمدة كالدواجن والكبدة، والبيض والأسماك، تثير مخاوف جدية. يوضح المسؤول أن مشكلة هذه السلع تكمن في طريقة تسويقها مجمدة ثم تعرضها للذوبان وإعادة التجميد، مما يجعلها عرضة سريعة للجراثيم..#الأخطر من ذلك هو طريقة عرضها في الشوارع والأرصفة، حيث يكون الباعة أنفسهم عرضة للإصابة بالأمراض. يفترض أن تُباع وتُعرض هذه المواد في أماكن مخصصة ومحمية من العوامل الجوية، وأن تخضع للفحص والتحليل للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري وخلوها من التلوث الجرثومي. فهذه المواد شديدة التعرض للفساد خارج الشروط الصحية المناسبة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب فصل الصيف..
يكشف أن غالبية المعلبات المتداولة، رغم حملها لأسماء ماركات رائجة، مجهولة المصدر ومحتواها مختلف عن بطاقة البيان، وغالبًا ما تكون تواريخ الصلاحية مزورة. كما أن البيض المنتشر في الشوارع خارج الرقابة وتُشك في صلاحيته. وحتى بعض المواد الغذائية الشعبية تبدو مصنعة دون مواصفات حقيقية ودخلت السوق غالبًا عن طريق التهريب، وتتكون من مواد مغشوشة..
تفاؤل حذر وتكامل الأدوار لمستقبل أفضل
لا يبدو المسؤول متشائمًا كليًا، إذ يرى أن الرقابة موجودة، لكنها غير قادرة على تغطية الأسواق ومتابعة جودة المواد والسلع بسبب نقص الكوادر البشرية والآليات اللازمة لتفقد الأسواق. ويعتبر أن هذه السلع لو دخلت بشكل نظامي، لكانت خضعت للفحص والتحليل على الحدود للتأكد من صلاحيتها.. #لكن دخولها عبر التهريب وانخفاض أسعارها ساهما في انتشارها الكثيف وإقبال المستهلكين عليها، بسبب ضعف قدرتهم الشرائية وفقدان بعض السلع من الأسواق.
يُشك في صلاحية وجودة تصنيع أغلب المواد الغذائية المحلية المعروضة في الشوارع، من حيث المكونات الأساسية..
ورغم أن الرقابة ترصد أحيانًا عمليات الغش وتبلغ الجهات المعنية، إلا أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم تقديم المواطنين للشكاوى، نظرًا لأنهم يجدون هذه المواد رخيصة..يؤكد المسؤول على الضرورة الملحة لربط دور جمعيات حماية المستهلك بالحكومة ودعم توجهاتها لمعالجة عمليات الغش والتهريب.. إضافة إلى ذلك، يشدد على أهمية دور المجتمع المحلي في المراقبة، خاصة في ظل عدم قدرة الدوريات التموينية على تغطية الأسواق بشكل كافٍ. ويكشف أن جمعيات حماية المستهلك قد وجهت مطالبات لضبط المنافذ الحدودية ووقف تهريب السلع الحيوية، مشيرًا إلى خطورة تهريب الثروة الحيوانية على الأسعار المحلية، وتأثير دخول اللحوم المهربة على أسعار اللحوم المحلية. هذه التحديات تعكس طبيعة المرحلة الانتقالية بين آليتين لإدارة السوق، واختلاف آليات العمل، ودخول الأسواق في مرحلة الاقتصاد الحر، وعدم تأقلم المواطنين مع متطلبات الواقع الجديد..

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *