إمكانية استبدال اكياس النايلون باكياس من نبات الجوت:
أسامينا
في قلب بنغلاديش، حيث تمتد الحقول الخضراء المبللة بندى الصباح، يعيش نبات الجوت الذي يصفه المزارعون بـ “الذهب البني” أو “الذهب الأخضر” أحيانًا، نظرًا لقيمته الكبيرة وقدرته على منح ألياف طبيعية قوية ولامعة. هذا النبات، الذي يُزرع بكثرة في المناطق الرطبة، عُرف منذ قرون كمصدر لصناعة الأكياس والحبال والسجاد، لكنه اليوم أصبح محور ابتكار علمي قد يغيّر وجه العالم.
العالِم البنغلاديشي مبارك أحمد خان، الباحث في معهد أبحاث النسيج في بنغلاديش، كان يرى يوميًا كيف تخنق أكياس البلاستيك أنهار بلاده، وتقتل الأسماك، وتلوّث التربة، وتبقى لعشرات السنين دون تحلل. هذا المشهد المأ*ساوي ألهمه للبحث عن بديل آمن وعملي.
بعد سنوات من التجارب، تمكن من استخلاص السليلوز من ألياف الجوت وتحويله إلى مادة شبيهة بالبلاستيك في الشكل والملمس، لكنها تختلف عنه في الجوهر. أطلق على اختراعه اسم “Sonali Bag”، أي “الكيس الذهبي” — إشارة إلى اللون الطبيعي للجوت وإلى قيمته كحل بيئي.
تتميز هذه الأكياس بأنها تتحلل طبيعيًا بعد فترة قصيرة من الاستخدام، ولا تترك أي أثر ضار على البيئة، بل يمكن طحنها وإضافتها للتربة كسماد طبيعي. وهذا يعني أن ما كان في السابق مصدرًا للتلوث يمكن أن يصبح غذاءً للتربة ونقطة انطلاق لزراعة جديدة.

اختراع “Sonali Bag” لم يكن مجرد إنجاز علمي، بل رسالة أمل للعالم، خصوصًا وأنه يعتمد على مورد محلي متجدد ورخيص الإنتاج، مما يجعله متاحًا حتى للدول الفقيرة التي تعاني من مشكلة النفايات البلاستيكية.
اليوم، ينظر الكثير من البيئيين إلى هذا الابتكار باعتباره نموذجًا يُحتذى به في تحويل الموارد الطبيعية البسيطة إلى حلول عملية لمشكلات عالمية معقدة. فمن حقل جوت صغير في بنغلاديش، انطلقت فكرة قد تساعد في إنقاذ محيطاتنا وأنهارنا وأرضنا من كارثة البلاستيك.