Home / اقتصاد / الوضع المعيشي للمواطن السوري إلى أين؟

الوضع المعيشي للمواطن السوري إلى أين؟

أسامينا

شادي أحمد

منذ أكثر من عقدٍ ونصف، يعيش السوريون في دوامة متواصلة من الأزمات، تتشابك فيها السياسة بالاقتصاد، والحرب بالعقوبات، والأمن بالمعيشة اليومية. ورغم أن الحرب العسكرية قد خفتت حدّتها في معظم المناطق، إلا أنّ آثارها الاقتصادية والاجتماعية ما تزال حاضرة في تفاصيل حياة المواطن السوري.

والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: إلى أين يتجه الوضع المعيشي في سورية؟

أولًا: الواقع الراهن

يُعاني المواطن_السوري من تراجع غير مسبوق في قدرته الشرائية، حيث أصبحت الأجور لا تغطي سوى جزءٍ ضئيل من الاحتياجات الأساسية، في ظل تضخم متسارع وارتفاع مستمر لأسعار السلع والخدمات. فالكهرباء مقطّعة، والوقود شحيح، والدواء نادر أو باهظ الثمن، والغذاء أصبح ترفًا نسبيًا لكثير من العائلات.

تزامن ذلك مع تآكل المدخرات، وغياب فرص العمل المستقرة، وهجرة الكفاءات، ما جعل المجتمع يعيش على حافة الفقر المدقع، باستثناء قلة استفادت من اقتصاد الحرب أو من الريوع الخارجية.

ثانيًا: أسباب التدهور المعيشي

الحصار والعقوبات الاقتصادية: أدّت إلى عزلة شبه كاملة عن النظام المالي العالمي، وقيود على الاستيراد والتصدير.

الفساد وضعف الإدارة الاقتصادية: استنزف الموارد المتاحة بدل توظيفها في التنمية.

تراجع الإنتاج المحلي: نتيجة الدمار وفقدان رأس المال البشري والمادي.

التحولات الديموغرافية: بسبب النزوح والهجرة التي أفرغت المجتمع من طاقاته المنتجة.

ثالثًا: التداعيات الاجتماعية

انعكس التدهور المعيشي على بنية المجتمع السوري، فارتفعت نسب الفقر والبطالة، وانتشرت مظاهر العمل غير المنظم، وتراجع التعليم والصحة، كما ازدادت معدلات الجريمة والتهريب والفساد الصغير. هذا الواقع لا يهدد الاستقرار الاقتصادي فحسب، بل يهدد البنية الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع.

رابعًا: إلى أين؟

تتوزع السيناريوهات المستقبلية بين ثلاثة اتجاهات:

  1. سيناريو الاستمرار في الانحدار: إذا بقيت العوامل السياسية والاقتصادية على حالها دون حلول جذرية، سيزداد الضغط المعيشي، ما يعني مزيدًا من الفقر والهجرة واليأس.
  2. سيناريو الترميم الجزئي: عبر إصلاحات داخلية محدودة، أو دعم خارجي محدود، يمكن أن يتحقق تحسّن نسبي، لكنه سيبقى هشًّا وقابلًا للانتكاس. و هذا ما لا نلاحظه من خلال أداء بعض المسؤولين الاقتصاديين المنشغلين بوسائل التواصل الاجتماعي أكثر من التواصل مع المجتمع نفسه
  3. سيناريو الانفراج التدريجي: وهذا يتطلب تسوية سياسية كبرى، رفعًا للعقوبات، وإطلاق مشروع اقتصادي – اجتماعي شامل يعيد بناء الدولة ويستثمر في الإنسان.

خاتمة

الوضع المعيشي في سورية يقف اليوم على مفترق طرق. فإما أن يواصل الانحدار ويحوّل المجتمع السوري إلى بيئة هشة وممزقة، أو أن يجد صانع القرار معادلة واقعية للإنقاذ،
تستند إلى :

العدالة الاجتماعية

الاصلاح الاقتصادي

التكامل الاقليمي

وحتى ذلك الحين، يبقى المواطن السوري محاصرًا بين صبرٍ مُثقلٍ بالانتظار، وأملٍ لا يموت بأن تعود الحياة الطبيعية إلى بلاده.

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *