الهوية الفردية والجماعية بالوجود الإنساني،
أسامينا
يطرح الكتاب إشكالية معقدة تتعلق بعلاقة الهوية الفردية والجماعية بالوجود الإنساني، في ظل الصراع القائم بين العقلانية الحديثة، التي جاءت بها التنويرات الأوروبية، وبين الموروث الديني والثقافي الذي يشكل جزءًا أساسياً من وعي المجتمعات. يقوم المؤلف بقراءة نقدية لمسار الفكر الإنساني، حيث يحاول تفكيك التوتر بين نزعة الكونية التي تسعى إليها الحداثة، وبين خصوصية الهوية التي تفرضها التقاليد والمرجعيات الروحية.
يبرز في هذا السياق مفهوم الهوية بوصفه بناءً معقدًا يتجاوز الانتماءات البسيطة ليغدو ميدانًا لصراع دائم بين الحرية الفردية من جهة، والالتزامات الاجتماعية والدينية من جهة أخرى. أما الوجود، فيُفهم على أنه الحقل الذي تتجلى فيه هذه التوترات، حيث يسعى الإنسان إلى إثبات ذاته ضمن فضاء معرفي وثقافي متغير باستمرار. ويكشف شايغان عن أن الموروث الديني لا يزال يفرض سلطته الرمزية والفكرية على الوعي المعاصر، لكنه في الوقت ذاته يتعرض إلى إعادة تأويل مستمرة نتيجة الاحتكاك بمبادئ العقلانية النقدية.
الكتاب ينفتح على قراءة فلسفية معمقة لجدلية الهوية في ظل العولمة، حيث تُطرح أسئلة حول إمكانية التوفيق بين القيم الكونية والخصوصيات المحلية، وحول قدرة العقلانية على إنتاج معنى جديد للوجود الإنساني لا يلغي الجذور الثقافية والروحية، بل يعيد صياغتها بما ينسجم مع شروط العصر. إنه عمل يسعى إلى إظهار أن التوازن بين التنوير والموروث ليس مسألة رفض أو قبول مطلق، بل حوار دائم يحدد مصير الإنسان في عالم تتسارع فيه التحولات
