Home / تعليم / ذكاء اصطناعي / تغير العقل .. كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا

تغير العقل .. كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا

أسامينا

كتاب : تغير العقل .. كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا
تاليف عالمة الاعصاب البريطانية سوزان غرينفيلد
ترجمة : إيهاب عبد الرحيم علي

الفكرة المركزية
في كتابه “تغير العقل “، تقدم العالمة العصبية سوزان غرينفيلد تحليلاً علميًا لتأثير التقنيات الرقمية على الدماغ البشري، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب الإلكترونية، ومحركات البحث. ترى غرينفيلد أن الدماغ البشري يتكيف مع البيئة الرقمية السريعة التغير، ما يؤدي إلى “تغيير ذهني” (Mind Change) يشبه في أهميته تغير المناخ. هذا التكيف يمكن أن يعيد ترتيب الشبكات العصبية، مؤثرًا على التركيز، الهوية، التعاطف، والعلاقات الاجتماعية. بينما تحمل هذه التغيرات مخاطر مثل الإدمان والنرجسية، فإن التعامل الحكيم معها يمكن أن يحقق فوائد معرفية واجتماعية. الكتاب ليس مجرد تحذير، بل دعوة للحوار العلمي والسياسي لتوجيه التأثيرات الرقمية نحو الخير.

المحاور الرئيسية

1-الظاهرة الرقمية العالمية والأزمنة غير المسبوقة

الموضوع: انتشار التقنيات الرقمية بسرعة تفوق التطور التاريخي.

تقارن غرينفيلد التغيير الذهني بتغير المناخ، مشيرة إلى زيادة استخدام الإنترنت بنسبة 30% سنويًا، وتأثير الوصول الفوري إلى المعلومات على تقليل الاعتماد على الذاكرة طويلة المدى.

2-كيف يعمل الدماغ ويتغير

الموضوع: آليات الدماغ كشبكة عصبية تتكيف مع المدخلات الرقمية.

تستعرض غرينفيلد دور الدوبامين واللدونة العصبية (neuroplasticity) في تعديل نشاط الدماغ، مع التركيز على زيادة النشاط في مناطق التعزيز الفوري وتقليل القدرة على التركيز المستمر.

3-وسائل التواصل الاجتماعي والهوية

الموضوع: تأثير فيسبوك وتويتر على الهوية والعلاقات الاجتماعية.

يشير الكتاب إلى أن التواصل الرقمي يعزز النرجسية ويقلل التعاطف، مستشهدًا بإحصاءات تربط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومشكلات في العلاقات، لكنه يعترف بفوائد الاتصال الاجتماعي والتفاعل الجماعي.

4-الألعاب الإلكترونية والانتباه

الموضوع: تأثير الألعاب على التركيز والإدمان والمهارات الحركية.

تربط غرينفيلد بين الألعاب الإلكترونية وزيادة الدوبامين، مما قد يؤدي إلى تركيز قصير المدى ومخاطر مثل الاكتئاب، مع إبراز فوائد تحسين المهارات المكانية والحركية، خاصة لدى كبار السن.

5-التصفح ومحركات البحث والتفكير المختلف

الموضوع: تأثير التصفح المتواصل والروابط التشعبية على التفكير النقدي والسردية.

يجادل الكتاب بأن الاعتماد على الروابط التشعبية يغير الطريقة التي يبني بها الدماغ الهوية والفكر، ويقترح استراتيجيات لاستخدام الإنترنت بشكل يعزز الإبداع والتفكير النقدي.

الاستقبال النقدي

تلقى الكتاب تقييمات متباينة:

إيجابيات: أشاد به كين أوليتا ومارك باورلاين لأسلوبه الواضح والمثير للتفكير، ووصفه Kirkus Reviews بأنه “متوازن ومثير للتفكير”.

سلبيات: انتقده الغارديان The Guardian بوصفه “سطحيًا وبحثًا ضعيفًا”، واعتبرت عالمة النفس دوروثي بيشوب أن غرينفيلد تجاهلت الأدلة العلمية الدقيقة. وصفه جارون لانير في نيتشر Nature بأنه “موقف أقلية غير مريح”.

المغزى الفكري

الكتاب يؤكد أن التقنيات الرقمية ليست محايدة، بل تشكّل الدماغ بطرق يمكن أن تقلل التركيز الطويل، التعاطف، وتؤدي إلى هويات اجتماعية هشة، لكنها تفتح أيضًا إمكانيات للتعلم السريع والتواصل. تدعو غرينفيلد إلى سياسات تنظيمية وتعليمية لموازنة الاستخدام الرقمي، محذرة من أن تجاهل التغيير الذهني يهدد البشرية كما يهدد تغير المناخ البيئة. فكريًا، يعيد الكتاب تصور الدماغ كجهاز تكيفي، ويشجع على حوار بين العلوم العصبية والتكنولوجيا لضمان مستقبل يعزز الإبداع والعلاقات الحقيقية دون فقدان الذات.

نبذة عن المؤلفه

سوزان غرينفيلد (مواليد 1950، بريطانيا) عالمة اعصاب وأستاذة سابقة في جامعة أكسفورد، وأول امرأة أستاذة فيها. عضو في مجلس اللوردات البريطاني منذ 2001، حاصلة على الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة لندن (1973)، متخصصة في أبحاث الدماغ والوعي، مؤلفة أكثر من 200 بحث علمي وكتب مثل:الحياة الخاصة للدماغ (2000) وغدًا الناس (2003)
أسست شركة Neurodiagnostics لتطوير تقنيات تشخيص الزهايمر، وشاركت في الإعلام العلمي (BBC)، وحازت على وسام الإمبراطورية البريطانية (CBE) عام 2000.

الخلاصة النهائية

“التغيير الذهني” كتاب مثير يحذر من إعادة ترتيب الدماغ بواسطة التقنيات الرقمية، مقارنًا التأثيرات بتغير المناخ. يقدم دعوة لتنظيم استخدام التكنولوجيا، وتقليل المخاطر مثل الإدمان والنرجسية، مع تعزيز الفوائد التعليمية والاجتماعية. يُنصح به للآباء، المعلمين، والسياسيين، ولكل مهتم بفهم تأثيرات البيئة الرقمية على الدماغ والمجتمع.

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *