Home / فن / السينما العربية تحتشد على شاشة «تورونتو»ما زال المهرجان بوابة السينما الأميركية

السينما العربية تحتشد على شاشة «تورونتو»ما زال المهرجان بوابة السينما الأميركية

أسامينا

الشرق الاوسط

تعيش مدينة تورونتو منذ الثامن من هذا الشهر عيدها السينمائي السنوي. مهرجانها بلغ الـ50 من العمر، وهو يحتفي بذلك مستمتعاً بجو من النشوة، ليس فقط لبلوغه نصف قرن من الحياة المديدة، بل كذلك بسبب نجاحه في ضم مجموعة كبيرة من الأفلام سواء تلك التي يفضّل أصحابها السفر بها إلى العاصمة الكندية، أو تلك التي عرضت في بعض المهرجانات الأخرى.

حوافز مهمّة

تنتهز السينما العربية فرصة أن اختيارات المهرجان الكندي لا تقوم على أساس معايير فنية صارمة، ولا على ما إذا كان موزّع فرنسي يتبنّى الفيلم ليدفع به إلى مسابقة «كان» أو أقسامه، كما هو الحال في المهرجان الفرنسي. وهي بذلك تدرك أن الفرصة المتاحة لها بالغة الأهمية، إذ إن الفيلم العربي، متى وصل إلى البقاع الشمال أميركية، يحظى بفرصة مزدوجة كبيرة، فمن ناحية ستُتاح له فرصة عروض واسعة داخل المهرجان، ومن ناحية أخرى يحتمل أن يقفز من الحدود الكندية إلى الأميركية، أسوة ببقية أفلام العالم التي لم تجد بعد موزّعين لها، فتقصد تورونتو لهذه الغاية.


حقيقة أن المهرجان لا يحتوي على مسابقة رسمية، ولا، بالتالي، على لجان تحكيم، تمنح جميع الأفلام، بما فيها العربية، حرية من معادلة «فاز أو لم يفز» التي تتحكم في المهرجانات الأخرى.

هناك أيضاً حوافز أخرى بالنسبة للسينما العربية تحديداً: فهذا العام هناك حرب تدور في غزّة (وفي بعض المناطق المجاورة)، وعدد من الأفلام الفلسطينية التي يتطلّع العالم لمشاهدتها. وهكذا فإن البطولة، إذا صحّ التعبير، هي لتلك الأفلام المشاركة في مهرجان تورونتو، التي تتناول الموضوع الفلسطيني، متزامنةً في آن واحد مع الأحداث، إنتاجياً وعرضاً.

الأنظار هذه الأيام تتجه إلى فيلم ماري آن جاسر «فلسطين 36»، وهو مناسبة مهمّة، وحالياً فريدة، للإلمام بجذور المشكلة الفلسطينية، إذ يعود السيناريو الذي كتبته ماري جاسر إلى زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، ذلك الانتداب الذي أدّى إلى تأسيس الدولة الإسرائيلية على أنقاض الدولة العربية.

هذا الفيلم لا يحتاج إلى شركة توزيع، فقد تبنّته شركة اسمها «ووترميلون بيكتشرز». ليست شركة كبيرة، لكنها مهتمة بتحقيق نجاح تجاري، خصوصاً إذا بلغ الفيلم مشارف الأوسكار المقبل، كونه اختيار حكومة الضفة الغربية لتمثيل فلسطين.

أما الإنتاج، فتوزّع بين شركة فلسطينية حديثة التأسيس و3 شركات بريطانية، بينها «بريتيش فيلم إنستتيوت» ومؤسسة «بي بي سي فيلم».

شركة «ووترميلون» نفسها، تتبنى أيضاً فيلم كوثر بن هنية «صوت هند رجب»، وهو عمل تونسي – فرنسي مشترك فاز بجوائز عدّة في مهرجان «ڤينيسيا» قبل أيام، أهمها جائزة الأسد الفضي (أو «لجنة التحكيم الخاصة»). وكما يفصح عنوانه، فهو عن مأساة الطفلة التي استشهدت إثر قصف إسرائيلي للسيارة التي كانت تستقلها.

القضية الفلسطينية، إذن تطرق باب تورونتو والعالم من بابين: التاريخ والحاضر.

الفيلم الثالث هو «مع حسن في غزّة» لكمال جعفري، وهو فيلم تسجيلي طويل (105 دقائق) يدور حول اكتشاف فيلم صُوِّر في غزّة سنة 2001، ثم اختفى قبل أن يعثر عليه المخرج ويوظّفه للكشف عن الحياة في غزّة قبل العدوان. وقد نال الفيلم جائزة «يوروب سينما لابل» خلال عروضه في مهرجان «لوكارنو» في أغسطس (آب) الماضي.

هذا الوضع غير المسبوق يساعد بعض الأفلام العربية الأخرى المشاركة على جذب اهتمام متزايد، إذ إن الجمهور الراغب في التعرّف إلى هذا الجزء الحيوي من العالم اليوم، أكثر عدداً من أي وقت مضى.

أقول «بعض» لأن من بين هذه الأفلام ما يستند إلى ما بناه صانعوه من شهرة ومكانة منذ سنوات عدّة، لا إلى التفاعل مع الوضع الراهن.

في المقدمة، ضمن هذا الاعتبار، يأتي فيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور «مجهولة» (فيلمها الطويل الخامس)، الذي يتناول قصة أمّ مصمّمة على معرفة الجاني الذي قتل ابنتها وتركها في الصحراء.

هذا الفيلم لا يحتاج إلى دعم توزيعي، إذ بيع فعلاً لشركة «سوني بيكتشرز كلاسيكس» منذ انتهاء العمل عليه في مايو (أيار) الماضي

وكذلك هو حال المخرج العراقي محمد الدرّاجي، الذي يعرض فيلمه الجديد «إركالا – حلم غلغامش»، حيث يعود إلى مرحلة الحرب العراقية الصعبة، متابعاً قصة طفل في التاسعة يبحث عن والديه في ذلك الزمن الصعب، متوخّياً الوصول إلى «بوابة غلغامش» لعله يهتدي إليهما.

محمد الدرّاجي هو أنشط السينمائيين العراقيين، ليس فقط مخرجاً (فهذا هو فيلمه السابع منذ «أحلام»، 2006)، بل أيضاً بوصفه منتجاً أو شريكاً في إنتاج نحو 20 فيلماً عراقياً وغير عراقي، آخرها فيلم شاهد أمين «هجرة».

مهرجان «تورونتو» إذن أكثر بكثير من مجرد لقاء عربي أو لقاء لأي منطقة أخرى. فهو من نوع المهرجانات التي بُنيت لتدوم، واستطاعت الانتقال من مجرد مناسبة تستقطب أفلاماً سبق عرضها في مهرجانات أخرى، إلى مهرجان كامل الصفات ودولي المكانة، يُقصد دون سواه. وفي مرحلة قريبة بات من الشهرة والمكانة بحيث بدا وكأنه مستقبل المهرجانات الأخرى، والأهم ليس دخول المسابقات أو الخروج منها، بل عرضها من دون حواج

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *