Home / إعلانات / أبراج و فلك / رحلة الكون: من نظام الكرسي الرباعي إلى عالم العرش الثماني

رحلة الكون: من نظام الكرسي الرباعي إلى عالم العرش الثماني

اسامينا

رحلة الكون: من نظام الكرسي الرباعي إلى عالم العرش الثماني
هل تساءلت يومًا عن سر الرقم 4 في كوننا؟ يبدو أن وجودنا بأكمله مبني على هذا العدد، لكن القرآن يلمح إلى أن هناك نظامًا آخر، أعلى وأكثر كمالًا، سينتظرنا في “النشأة الأخرى”. هذه رحلة وجودية من عالم الأضداد إلى عالم الوحدة.

  1. الكون الرباعي: نظام الكرسي وأساس الزوجية
    يعمل كوننا الحالي وفق نظام رباعي متكامل، تحكمه أربعة أبعاد مكانية وزمانية، وتديره أربع قوى أساسية (الجاذبية، والقوة الكهرومغناطيسية، والقوتان النوويتان). وهذه القوى الأربعة هي التي تمسك السماوات والأرض من السقوط أو التفكك. هذا النظام الرباعي هو الذي يُمثله الكرسي الذي “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ”. وفي اللغة، كلمة “كرسي” تعني ما يمسك الشيء من السقوط أو التفكك، أو الأساس الذي يُبنى عليه. فالكرسي هو الأساس الذي يمنع هذا النظام من السقوط أو التفكك، ويُدير كل جوانب الوجود.
    هذا النظام الرباعي لا يقتصر على الفيزياء فقط، بل يمتد إلى كل جوانب حياتنا. فحتى في العمارة والهندسة، نجد أن كل بناء يُشيد على أربعة أساسات لضمان الثبات. وفي نظام الكمبيوتر، يعتمد على أربعة مكونات رئيسية: الجهاز، نظام التشغيل، الطاقة، والمستخدم (أو المسؤول). وحتى في السيارة، نجدها مبنية على أربعة مكونات رئيسية: هيكل، طاقة، نظام تشغيل، ومستخدم. كل هذه الأمثلة تبرز أن نظامنا مبني على قاعدة رباعية، حتى الإنسان نفسه الذي هو مبني على المربع من جسد ونفس وروح، والذات هي المستخدم.
    هذا النظام يفرض مفهوم الزوجية الذي يخلق الأضداد في كل شيء: خير وشر، ليل ونهار، صفر وواحد. وفي هذا العالم، يسير الزمن في توالٍ واحد ومحدد.
  2. التحول الأكبر: انتهاء الزوجية وبداية الأحدية
    هذا النظام ليس أبديًا. ففي يوم القيامة، يتغير كل شيء كما يقول تعالى: “وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ”. هذا الشعور بأن حياتنا كانت مجرد “ساعة” هو دليل على أن الزمن الخطي قد انتهى، وأننا انتقلنا إلى واقع آخر.
    عندها، تبدأ مرحلة النهاية حيث:
    تُطوى السماوات والأرض: “تطوى السماوات كطي السجل للكتب”. هذا المشهد يرمز إلى انتهاء النظام بأكمله، بما فيه من مسافات وأبعاد وأضداد.
    تُحسم الزوجية: “وبرزوا لله الواحد القهار”. في هذا اليوم، يظهر الله بوحدانيته وقوته المطلقة، فلا يبقى مجال لأي تضاد. ينتهي مفهوم الصفر والواحد، ويُحاسب الإنسان “فرادى” كنفس واحدة، مما يؤكد أن كل شيء قد عاد إلى أصله الواحد.
  3. النشأة الأخرى: عالم العرش الثماني
    القيامة ليست نهاية، بل هي تحول نحو “النشأة الأخرى”. وفي هذا التحول، ينتهي نظام المربع ويزول الكرسي الذي كان يحكمه. هذا العالم الجديد يحكمه نظام أعلى، يُعبر عنه بالرقم ثمانية، كما يقول تعالى: “وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ”. حيث تؤكد كلمة “فوقهم” أن هذا العرش الثماني هو أعلى من الوجود الذي نعرفه ويفوقه.
    هذا العرش الثماني يمثل كونًا جديدًا بثمانية أبعاد، حيث تختفي الأضداد ويُصبح كل شيء واحدًا:
  4. الجنة والنار: حتى مصير الإنسان في هذا العالم يعكس نظامه الثماني، . حيث تؤكد هذه الأبواب الثمانية أن الجنة والنار هما جزء من هذا الكون الثماني، وأن النعيم والعذاب سيُدركان في واقع ذي ثمانية أبعاد. لكن الجنة تفوق النار فهي ٨ ابواب وجهنم ٧ ابواب وفي هذا العالم، الجنة والنار ليستا أماكن، بل هما حال وجودي: الجنة هي حال الوحدة مع المطلق، والنار هي حال الانفصال التام.
    الزمن: في هذا الكون، الزمن لا يسير في خط مستقيم أو أكوان موازية، بل هو توالٍ فريد من الأسباب والنتائج الوجودية، حيث تتواجد كل اللحظات في آن واحد كجزء من لوحة أكبر وأبدية.
Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *