Home / أخبار سوريا / حي “الخليج” في داريا.. من التدمير إلى سباق الاستملاك وارتفاع الأسعار

حي “الخليج” في داريا.. من التدمير إلى سباق الاستملاك وارتفاع الأسعار

أسامينا

قرّر أبو جهاد، أحد سكان مدينة داريا بريف دمشق، تأجيل بيع أرضه الزراعية في منطقة الخليج الممتدة من حدود مطار المزة العسكري وصولاً إلى مدخل داريا وحتى تخوم منطقة المزة، بسبب ارتفاع أسعار الأراضي في المنطقة بنسبة تتجاوز 50 في المئة، عقب سقوط نظام الأسد، وتمكّن مالكي قرابة ألف عقار ـ تضمها المنطقة ـ من التصرّف بملكياتهم التي كانت مهددة بالاستملاك زمن النظام المخلوع.

وأفاد أبو جهاد، في حديث لموقع تلفزيون سوريا، بأن سعر القصبة في عقاره وصل إلى 1500 دولار بعد أن كان لا يتجاوز الألف دولار، مؤكداً وجود معلومات متداولة تخص المنطقة، بعد شروع الدولة في حصر وضبط الملكيات فيها، وصولاً إلى احتمالية دخولها ضمن التنظيم الجديد للمدينة.

عقبات كبيرة
يواجه مالكو الحي مشكلة تتعلق بعدم سماح البلدية لهم بإعادة إعمار منازلهم على نفقتهم الخاصة. وكشف مالكون في المنطقة لموقع تلفزيون سوريا أن ردّ البلدية يفيد بعدم اكتمال عملية ضبط الملكيات، بعد ضياع جزء كبير من الوثائق التي تثبت الملكيات الخاصة في ظل حالة العقارات التي ما تزال مشاعاً، ما يعني أنها غير مفروزة وتحتاج إلى عمليات معقدة لتحديدها.

وأوضح المحامي جلال شعيب، في هذا السياق، خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن الصفة القانونية لمنطقة الخليج أنها أرض زراعية غير منظمة وغير مستملكة حتى الآن، بالرغم من وجود مخطط لدى النظام المخلوع لاستملاكها بعد أن قام بالاستحواذ عليها، بهدف إلحاقها بحرم مطار المزة العسكري.

ولا يستبعد شعيب وجود بعض الاستملاكات للدولة داخل منطقة الخليج تخص الشوارع والأوقاف، وهي حالة طبيعية تحدث في كل منطقة تشرف الدولة على تخديمها. ويعزو شعيب ارتفاع أسعار الأراضي في المنطقة إلى الإشاعات التي رافقت المعلومات المتداولة بين السكان حول دخولها ضمن التنظيم الجديد، بالتوازي مع إعلان الهيئة العامة للطيران المدني السوري تحويل مطار المزة المتاخم لمنطقة الخليج إلى مطار مدني.

ويؤكد شعيب أن هذه المعلومات ما تزال غير مؤكدة، خاصة في غياب أي تصريحات رسمية سواء من البلدية أو إدارة المنطقة أو محافظة ريف دمشق. ويشير إلى وجود عقبات عديدة تواجه عمليات شراء وبيع الأراضي في منطقة الخليج، نظراً لعدم ضبط الملكيات الخاصة فيها ووجود ملكيات وشوارع ومرافق من دون فروغ (طابو أخضر)، كما تتم عمليات البيع من دون استلام وتسليم، ما يفتح الباب أمام حالات النصب والاحتيال والتزوير.

تسريبات
كشف مصدر مقرّب من المجلس المحلي لمدينة داريا لموقع تلفزيون سوريا عن وجود دراسة لدى البلدية لتنظيم المنطقة خلال سنة واحدة على الأقل، بالاعتماد على لجنتين تم تشكيلهما مؤخراً، لافتاً إلى أن المنطقة غالباً ستعامل بشكل يماثل منطقتي التطوير العقاري المعروفتين بـ”ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي” اللتين يشملهما المرسوم 66 لعام 2012.

وتوقع المصدر أن تشهد المنطقة، في حال تنفيذ هذا المخطط، ارتفاعاً هائلاً في الأسعار مقارنة بالأسعار في منطقتي المرسوم 66، حيث يبدأ سعر المتر الواحد فيهما من 1500 دولار.

وكان رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، عمر الحصري، قد أكد في كلمة خلال منتدى الاستثمار السوري السعودي بدمشق، الذي انعقد نهاية تموز الماضي، أن الهيئة تخطط لبناء مطار جديد بالعاصمة دمشق يتسع لـ30 مليون مسافر سنوياً.

وأضاف الحصري، في كلمته خلال المنتدى ذاته، أن قطاع الطيران في سوريا متهالك، ويحتاج لإعادة تأهيل المطارات الخمسة الموجودة في البلاد، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وأكد أن الهيئة قررت استثمار مطار المزة العسكري قرب العاصمة دمشق وتحويله إلى مطار مدني.

منطقة منكوبة
في نهايات عام 2012، كان حسين مقاتلاً على إحدى جبهات داريا المطلة على مطار المزة ومنطقة الخليج التي يمتلك منزلاً فيها، ويقول لموقع تلفزيون سوريا إنه كان شاهداً على عمليات التلغيم والتدمير الممنهجة والواسعة التي نفّذها جنود النظام المخلوع منذ ذلك التاريخ، وصولاً إلى تدمير الحي بشكل كامل ومسحه حرفياً عن وجه الأرض.

وبين عامي 2019 و2024، تعرّض حي الخليج لكارثة أخرى بعد تحوّله إلى مكب لأنقاض المدينة عقب سماح النظام السابق لقسم من سكان المدينة بالعودة. وتؤكد مصادر أهلية لموقع تلفزيون سوريا أن ملف ترحيل الأنقاض جرى تحت إدارة شركة “نور عبيد” التي يملكها محمد صوان، الملقب بـ”الحجي”، وهو من مدينة معضمية الشام المجاورة، والشركة مقربة من الفرقة الرابعة.

وفي عام 2018، أدرجت منطقة الخليج، المصنفة كسكن عشوائي، ضمن المخطط التنظيمي الصادر عن وزارة الأشغال العامة والإسكان السورية في 24 نيسان 2018 كمنطقة خالية من دون سكن، أو ما تُعرف بـ”صفحة بيضاء”، أي أن النظام لا يعترف بوجود سكن عليها، بحسب تقرير صادر عن موقع “سوريا على طول”.

وأشار التقرير، استناداً إلى لقاء مع مصدر مطلع، إلى أن هذا التصنيف لحي الخليج يعزز المخاوف من أن يطاله القانون رقم 10، وبالتالي إعلانه منطقة تنظيمية جديدة، بذريعة معالجة مشكلة العشوائيات، ومن ثم مسح المنطقة بكاملها، وتحويل الملكية العقارية المترية إلى ملكية عقارية سهمية فقط من دون أي حق بالتعويض لمن ضاعت وثائق ملكيته الخاصة.

ونظم متضررون من أهالي منطقة الخليج وقفة احتجاجية في 24 كانون الثاني الماضي، للمطالبة بملكياتهم وتوضيح مصير المنطقة وإمكانية دخولها ضمن التنظيم، في حين يعاني أصحاب العقارات من ارتفاع الإيجارات في المناطق التي يقيمون فيها سواء في داريا نفسها أو في إدلب، بعد أن تم تهجير قسم منهم مع مقاتلي داريا نحو إدلب في صيف عام 2016.

ومؤخراً، أعلنت الإدارة المدنية لمدينة داريا شروعها في عملية تثبيت ملكيات عقارات منطقة الخليج، وطلبت من أصحاب العقارات الذين لم يُحضروا وثائق إثبات الملكية في المنطقة المسارعة إلى مراجعة مقر بلدية داريا خلال أوقات الدوام الرسمي، مصطحبين معهم ما يثبت ملكيّتهم للعقار وصورة عن البطاقة الشخصية، وذلك لضمان تثبيت الحقوق واستكمال الإجراءات القانونية اللازمة.

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *