تعرض المعهد الموسيقي الوطني،بدمشق لعمل تخريبي
أسامينا
المعهد الموسيقي الوطني، الموجود في بناء ثانوية جودت الهاشمي، تعرّض ليلاً لعمل تخريبي تمثل بتحطيم جميع الآلات الموسيقية فيه، استناداً إلى فتوى شيخ المنطقة المكلف ” بترميم” المبنى والذي اعتبر الموسيقى “رجساً من عمل الشيطان”، أما الجهات المسؤولة في البلاد تعتبر ماجرى تصرفا فرديا وتدعو للتهدئة وضبط النفس على مبدأ ” المسامح كريم”.
هذا المعهد بالذات كان – وما يزال – يمثل آخر ما يشبه سوريانا التي نحبّ ونحلم. فساحته التي طالما جمعتنا مع أهالٍ من مختلف الطبقات الاجتماعية، أرسلوا أبناءهم لا لغاية استعراضية ولا لفزلكة فارغة، بل فقط لأنهم مؤمنون بأن الموسيقى جزء أساسي من حياة الشباب. كذلك كان المدرّسون المتفانون الذين عملوا بروحٍ أقرب إلى المجانية، متطوعين بإيمانٍ عميق برسالتهم.
اليوم، يتعرض هذا التراث الحيّ، مثلما تتعرض مبانٍ تاريخية كالسرايا التي تحطمت بسبب الجهل، ومبنى الأركان الذي طُرح للاستثمار كمنتجع سياحي، للتخريب والبيع السريع، ومايدمر فعلا ليس مجرد جدران أو أدوات، بل هو ذاكرة البلاد وهويتها وروحها.

سيقول كثيرون تدمرت بيوتنا نتيجة القصف ولم يتكلم احد، هجرنا من بيوتنا وفقدنا هويتنا بسبب النظام، فما يهم إن تدمر معهد موسيقي أو بضعة آلات موسيقية ؟؟
إذا كان تدمير المعهد ردّاً على دمار البيوت، فمثل هذا «الثأر» مرفوض وفي غير محله؛ وإذا كان بدافعٍ ديني فهو جهل؛ وإذا كان الهدف تطفيش الموجودين تمهيداً للبيع والاستثمار فهذا إجرامٌ بحق البلاد وأهلها وهويتها.

من يصرّ على محو الموسيقى من حياتنا، وتحويل مبانينا التاريخية إلى مشاريع استثمارية خاوية، لا يهدم حجراً فحسب، بل يحاول أن يهدم هويةً حضارية قاومت الحرب والبرد والحصار والاستبداد والفقر والظلم. يحاول أن يهدم معنى الانتماء نفسه الذي ناضلت أجيال في سبيله، ولن تكفَّ عن إيمانها وعملها مهما عمَّ الظلام.
ملاحظة : الصور من منشور لإحدى طالبات المعهد.

Anas Joudeh

