Home / أخبار سوريا / القطاع المصرفي السوري… من وسيط مالي إلى صندوق مغلق…

القطاع المصرفي السوري… من وسيط مالي إلى صندوق مغلق…

أسامينا

الاقتصاد اليوم :

أنس فيومي: المصارف فقدت دورها التنموي وسط ضوابط خانقة

الخبير المصرفي أنس فيومي، معاون مدير المصرف العقاري السوري سابقًا، أكد أن المصارف فقدت دورها الحيوي في دعم الحركة الاقتصادية، وتحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مؤسسات تؤدي عمليات محدودة من سحب وإيداع وتحويل، ضمن ضوابط سيولة صارمة، ما أفقدها تأثيرها التنموي والمالي.

وأشار فيومي، إلى أن المصارف السورية ما تزال تراوح مكانها رغم مرور نحو عشرة أشهر على التغييرات السياسية والاقتصادية في البلاد، من دون أن تظهر مؤشرات على تحولها إلى أدوات تنموية فاعلة. واعتبر أن غياب التحديث الإداري والتنظيمي، إلى جانب الخشية من الجهات الرقابية، يقيّد عمل المصارف ويمنعها من مواكبة طموحات مصرف سوريا المركزي.

وأوضح أن حجة “قلّة السيولة” التي تتكرر في الخطاب الرسمي تخفي وراءها مشكلات أعمق تتعلق بضعف الكفاءة وترهّل الإجراءات، مشيرًا إلى أن ضوابط السيولة المفروضة منذ نحو عقد من الزمن أضعفت الثقة بالنظام المصرفي، ودفع أصحاب رؤوس الأموال للاحتفاظ بأموالهم خارج المصارف أو تحويلها إلى عملات أجنبية، ما أدّى إلى تراجع دور المصارف كوسيط مالي في العلاقات التجارية، وتوقف شبه كامل في منح القروض.

ولفت فيومي إلى وجود فجوة واضحة بين ما يُصرَّح به وما يُطبَّق فعليًّا، مستشهدًا بمثال حول الإيداعات المصرفية الناتجة عن البيوع العقارية، حيث لا تزال المصارف تقيّد سحب الحوالات بمبلغ لا يتجاوز 500 ألف ليرة أسبوعيًّا، متسائلًا عن مدى قبول بائع عقار بقيمة تتجاوز المليار ليرة بهذا الوضع.

وحول قدرة المصارف على مواكبة الانفتاح الاقتصادي، رأى فيومي أن المصارف الخاصة تبدو أكثر جاهزية بفضل التزامها بضوابط العمل المصرفي وتحديث برمجياتها، في حين تتفاوت المصارف العامة في هذه القدرة، بسبب ضعف التحديث التقني، والأهم من ذلك ضعف كفاءة الكوادر الإدارية التي تعاني من آثار التعيينات غير المهنية في العقود السابقة.

وشدّد فيومي على ضرورة إعادة تعريف دور المصارف في النشاط الاستثماري، ليشمل تقديم الاستشارات المالية، والمساهمة في دراسات الجدوى، وتمويل المشاريع، بل والمشاركة في إدارتها، كما هو الحال في بعض المصارف العالمية. ودعا إلى إعادة دراسة قوانين إحداث المصارف وتضمينها بنودًا تتيح لها المساهمة الفعلية في مشاريع إعادة الإعمار، ضمن رؤية استراتيجية وطنية واضحة للمرحلة المقبلة.

وأشار إلى أن المصارف العامة تفتقر إلى الأنظمة البرمجية الحديثة، نتيجة سنوات المقاطعة، كما تفتقر إلى كوادر مؤهلة للتعامل مع الانفتاح الاقتصادي المتوقع، ما يستدعي وضع استراتيجية وطنية واضحة للمرحلة المقبلة. ورغم ذلك، أثنى على تعليمات مجلس النقد والتسليف التي واكبت متطلبات العمل المصرفي، حتى في فترات المقاطعة، وخاصة ما يتعلّق بمقررات “بازل” وضوابط التحويلات المالية.

وبيّن فيومي أن العلاقة بين المصارف والقطاعات الإنتاجية، الصناعية والتجارية، وحتى الأفراد، تشوبها حالة من انعدام الثقة، بسبب ضوابط السيولة التي تعيق تلبية الاحتياجات المالية، بما في ذلك أجور العمالة. ودعا إلى معاملة هذه الفئات بشكل خاص، نظرًا لأهميتها في مرحلة إعادة الإعمار، وإعادة بناء الثقة معها.

وفيما يتعلّق بالإقراض، رأى فيومي أنه لا أفق حاليًّا لعودة القروض، لكنه شدّد على ضرورة تحديد أولويات التمويل وفق رؤية حكومية واضحة، تبدأ بالقطاع الزراعي لدعم الأمن الغذائي، ثم قطاع إعادة إعمار المنشآت الصناعية، تليه القطاعات الخدمية والسياحية.

واختتم فيومي حديثه بالتأكيد على أهمية دور مصرف سوريا المركزي في إعادة بناء الثقة، عبر تحرير السيولة وتحديث التعليمات، متوقعًا أن تشكّل مرحلة استبدال النقود وإصدار الليرة الجديدة نقطة تحوّل نوعية في عمل المصارف، خاصة العامة منها.

نون بوست

Tagged:

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *